وبديهي جريان هذين الوجهين في كل فعل من افعال المكلف وان لم يكن له تعلق بالاعيان الخارجية ، فانه لا محالة يكون تصرفا في بدنه ـ كلسانه ـ مثلا ، فيجرى فيه ، ما تقدم من الوجهين.
الثاني : ان البحث عن الحظر والاباحة ناظر إلى حكم الأشياء من حيث عناوينها الاولية بحسب ما يستفاد من الأدلة الاجتهادية ، والبحث عن البراءة والاشتغال ، ناظر إلى حكم الشك في الأحكام الواقعية المترتبة على الأشياء بعناوينها الاولية.
وفيه : ان مسألة الحظر والاباحة ، إنما تكون بلحاظ عدم ورود الدليل من الشارع لا بلحاظ ما يستفاد من الأدلة الاجتهادية.
فالصحيح في مقام الفرق بينهما ، ان بحث الحظر والاباحة إنما هو فيما يستقل به العقل في حكم الأشياء ، مع قطع النظر عن ورود حكم من الشارع ، وبحث البراءة والاشتغال ، إنما هو بعد ورود حكم الأشياء من قبل الشارع.
ثم انه ربما يتوهم ان الاصل في الأشياء بحسب الأدلة الاجتهادية هي الإباحة ، وعليه فلا يبقى مجال لهذا المبحث في الشبهات التحريمية الحكمية لفقد النص التي هي العمدة في المقام.
واستندوا في ذلك إلى الآية الشريفة : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً)(١).
__________________
(١) الآية ٢٩ من سورة البقرة.