قوله تعالى (إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)(١) ، والشاهد على ذلك مضافا إلى ظهور الآية ، انه لو اريد به عدم العلم لزم تخصيص التعليل ، بما دل على حجية الفتوى ، والبينة ، وغير ذلك من الأمارات التي ثبتت حجيتها ، مع ان سياق الآية آب عن التخصيص فلا مناص عن حمله على إرادة السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل.
وأورد على هذا الجواب الشيخ الأعظم (ره) (٢) بان أصحاب النبي (ص) الذين هم من العقلاء قد عملوا بخبر الوليد حتى نزلت الآية فحمل الجهالة على السفاهة يلزم ، إما الالتزام بعدم كونهم من العقلاء ، أو عدم شمول الآية للمورد ، وهما كما ترى ، فلا محالة يكون المراد بها عدم العلم.
وفيه : ان السفاهة على قسمين :
الأول : فعل ما لا يصدر من العقلاء أصلاً.
الثاني : انه يصدر ولكنه مع الغفلة عن كونه من مصاديق كبرى كلية خاصة ، نظير من يعلم انه لا يقدر على ان يسبح في الشط الذي عرضه مائة ذراع ، ولكنه غفلة عن كون هذا الشط عرضه هذا المقدار يقدم على ذلك.
وبالجملة : صدور عمل السفهاء من العقلاء في غاية الكثرة ، كما يظهر من ملاحظة حال العصاة ، أترى ان العصيان من زي العقلاء بما هم عقلاء كلا.
__________________
(١) الآية ٤٦ من سورة هود.
(٢) فرائد الأصول ج ١ ص ١٢٠.