بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وان لم يحل فعلوه ، فليس هو الذي أدخلهم فيه.
ثم قال (ع) : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه (١).
فانظر إلى هذا الحديث كيف أثبت الامر بين الامرين ونفى الطرفين بكلمتين موجزتين ، حيث أنه نفى التفويض بقوله" وهو المالك ، هو القادر" ، ونفى الجبر بقوله" لما ملكهم وأقدرهم".
توضيحه : انه قد عرفت أن المفوضة انما ذهبوا إلى ما قالوا من جهة توهم استغناء الممكن في بقائه عن المؤثر وان حدوثه كاف في بقائه ، فلزمهم من ذلك نفى سلطنة الله تعالى وقدرته وخروج الاشياء بالوجود عن ملكه ، فقد نفى (ع) ذلك بقوله" هو المالك" كما صرح بذلك في الآيات القرآنية على ما تقدم.
وحاصل كلامه (ع) : ان الله جل شأنه قادر على كل شيء ومالك كل شيء حتى اختيار الإنسان ، فلا معنى لقول المفوضة.
والجبرية انما التزموا بما قالوا من جهة توهم عدم مالكية العبد وعدم قدرته ، لتخيل احتياج كل ممكن إلى علة موجبة ، أو تخيل كون علمه تعالى أو إرادته علة لصدور الفعل ، أو منافاة القدرة لسلطنة الله تعالى ، فقد نفى جميع ذلك بقوله عليهالسلام" لما ملكهم" و" على ما أقدرهم".
__________________
(١) التوحيد ص ٣٦١ الحديث ٧ ، باب نفى الجبر والتفويض ، وعيون أخبار الرضا (ع) ج ١ ص ١٤٤ باب ١١ ح ٤٨.