وقال بعض الناس : إن ذلك في الحقيقة نهي عن الخيانة رأسا في كل ما أتى به النبي صلىاللهعليهوسلم من الأحكام ، كقوله : (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ)(١). وقال بعض الناس : قراءة من قرأ ؛ يغلّ أولى (٢) ، لأن كل ما جاء في التنزيل من هذا النحو فمسند إلى الفاعل دون المفعول ، نحو (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ)(٣) ، وقوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ)(٤) وقوله : (وَمَنْ يَغْلُلْ) تعظيم للغلول ، وأنه لا انفكاك له من جزائه ، فكأنّ ما قد غلّه يصحبه ، وعلى هذا ما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا أعرفنّ رجلا يأتي بفرس له حمحمة» (٥) ، وعلى هذا ما قاله صلىاللهعليهوسلم : «لا أعرفن رجلا يأتي ببعير
__________________
ـ فوائد منها : أن المجنيّ عليه كلما كان أجلّ منصبا كانت الخيانة في حقه أفحش ، ومنها أنه لا يكاد يخفى عليه من قبل الوحي ، فكان فيه مع عذاب الآخرة فضيحة الدنيا ، ومنها أن المسلمين في ذلك الوقت كانوا في غاية الفقر ، فكانت تلك الخيانة وقتئذ أقبح. تفسير غرائب القرآن (٢ / ٢٩٩ ، ٣٠٠) ، وانظر : جامع البيان (٧ / ٣٥٥) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٢٨٥) ، والتفسير الكبير (٩ / ٥٩) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٥٦) ، والبحر المحيط (٣ / ١٠٦).
(١) سورة الأنفال ، الآية : ٢٧.
(٢) انظر : جامع البيان (٧ / ٣٥٤).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٥.
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٧٩.
(٥) رواه البخاري في كتاب الجهاد ، باب «الغلول» رقم (٣٠٧٣) ، ومسلم في