«إياك ومجالسة الشرير ، فإن طبعك يسرق من طبعه ، وأنت لا تدري» ، وقوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ)(١) إياس من الموالاة التي أثبتها بقوله : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا)(٢) ونحوه ، وقوله : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) فرخصه في إظهار الموالاة باللسان دون القلب ، حيث يحصل تقية ، كقوله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(٣) ولا حرج في مداراة الكافر حيث يخاف شرّه ، أو يرجى صلاحه (٤) ، فقد روي عن النبي /
__________________
ـ والطيالسي ص (٧٠) رقم (٥١٥) ، والحميدي (٢ / ٣٣٩) رقم (٧٧٠) ، وأبو الشيخ في كتاب الأمثال ص (٣٧٧) رقم (٣٢٥) ، جميعهم من حديث أبي موسى الأشعري. وأبو يعلى في مسنده رقم (٤٢٩٥) ، وفيه «العطار» بدلا من «الداري» ، والحديث متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري بلفظ آخر ، أخرجه البخاري «كتاب البيوع» ، باب في العطار وبيع المسك رقم (٢١٠١) ، ومسلم في كتاب البر ، باب استحباب مجالسة الصالحين رقم (٢٦٢٨).
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٢٨.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٥٧.
(٣) سورة النحل ، الآية : ١٠٦.
(٤) قال الجصّاص في معنى قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) : يعني أن تخافوا تلف النفس وبعض الأعضاء ، فتتقوهم بإظهار الموالاة من غير اعتقاد لها ، وهذا هو ظاهر ما يقتضيه اللفظ ، وعليه الجمهور من أهل العلم. أحكام القرآن (٢ / ٨). وانظر : جامع البيان (٦ / ٣١٣) ،