حفيظا يسألكم عن أمركم من الطاعة وصلة الأرحام (وَآتُوا الْيَتامى) أعطوا اليتامى (أَمْوالَهُمْ) التى عندكم بعد الرشد والبلوغ (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) يعنى لا تأكلوا أموالهم الحرام وتتركوا أموالكم الحلال (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) أى مع أموالكم بالتخليط (إِنَّهُ كانَ) يعنى آكل مال اليتيم ظلما (حُوباً كَبِيراً (٢)) ذنبا عظيما عند الله بالعقوبة ، نزلت فى رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم فلما نزلت هذه الآية ، قالوا : نعزل اليتامى مخافة الإثم.
فأنزل الله (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) أن لا تعدلوا بين اليتامى فى حفظ الأموال ، فكذلك خافوا أن لا تعدلوا بين النساء فى النفقة والقسمة ، وكانوا يتزوجون من النساء ما شاءوا تسعا ، أو عشرا ، أو كان تحت قيس بن الحارث ثمان نسوة ، فنهاهم الله عن ذلك وحرم ما فوق الأربعة ، فقال : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) يقول : واحدة ، أو اثنتين ، أو ثلاثا ، أو أربعا لا يزاد على ذلك (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) بين أربع فى القسمة والنفقة (فَواحِدَةً) فتزوجوا [امرأة] واحدة حرة (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من الإماء ما لا قسمة لهن عليكم ولا عدة لكم عليهن (ذلِكَ) تزويج الواحدة (أَدْنى) أحرى (أَلَّا تَعُولُوا (٣)) ألا تميلوا ولا تجوروا بين أربع من النساء فى القسمة والنفقة (١).
(وَآتُوا) أعطوا (النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ) مهورهن (نِحْلَةً) هبة لهن من الله فريضة عليكم (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) فإن أحللن لكم فى المهر شيئا (نَفْساً) بطيبة النفس (فَكُلُوهُ هَنِيئاً) بلا إثم (مَرِيئاً (٤)) بلا ملامة وكانوا يتزوجون بلا مهر (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ) لا تعطوا الجهال بموضع الحق من النساء والأولاد (أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) معاشا (وَارْزُقُوهُمْ فِيها) أطعموهم منها (وَاكْسُوهُمْ) وكونوا أنتم القوام على ذلك فإنكم أعلم منهم فى النفقة والصدقة بموضع الحق (وَقُولُوا لَهُمْ) إن لم يكن لكم شىء (قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥)) عدة حسنة أى سأكسو أو سأعطى (وَابْتَلُوا
__________________
الأرحام فخطأ فى العربية ، لا يجوز إلا فى اضطرار شعر ، وخطأ أيضا فى أمر الدين عظيم ، لأن النبى (صلىاللهعليهوسلم) ، قال : «لا تحلفوا بآبائكم» فكيف يكون تساءلون وبالرحم على ذا. انظر : معانى القرآن وإعرابه (٢ / ٦ ، ٧) ، وللفراء (١ / ٢٥٣) ، ومعانى القراءات للأزهرى (ص ١١٨ ، ١١٩) ، وغريب ابن قتيبة (١١٨) ، وزاد المسير (٢ / ٣) ، والنكت للماوردى (١ / ٣٥٩).
(١) انظر : معانى الفراء (١ / ٢٥٥) ، والنكت للماوردى (١ / ٣٦٢) ، وزاد المسير (٢ / ٩).