والتأمل ؛ لئلّا يقع الإنسان في خطر أمر مخطور باستعجال ، والاحتياط بهذا المعنى لا ينكره أحد.
تحقيق معنى الشّبهة
على أنّ الشبهة المستعملة في هذا الصنف من الروايات غير الشكّ البدوي مفهوما فإنّه الحيرة والاحتمال ، والشبهة ما تشابه المقصد وتماثله من بين الأمثال ، ولذا ورد عن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام : «وإنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ» (١).
فهذا الصنف من الروايات يرشد الى أنّه إن كان هناك التباس وتدليس ونفاق فعليكم بالحذر والتثبّت والتمحيص الى أن يجلو لكم وجه الحقّ ويتبيّن الرشد من الضلال ، فأين هذا من الدلالة على لزوم الاحتياط في الشكوك البدوية بعد الفحص والدقّة؟ وأيّ ربط له بلزوم الاجتناب عند احتمال الثبوت لحكم شرعي؟
وأمّا الصنف الثالث الموسوم بأخبار التثليث فالهدف فيها الحثّ على الابتعاد عمّا يتردّد أنّ فيه الرشد أو الغي ، وهذا أيضا بجانب بعيد عن المقصد ، وهو لزوم الاحتياط في إطار ما هو مشكوك الحليّة والحرمة ، وما وردت الرخصة فيه من ناحية الشرع ضمن أدلة البراءة داخل في المبيّن رشده.
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة المرقمة (٣٨).