بقدر الرزق ، كما ينظر إليه ما قبلها ، وهو : «ومن قدر عليه رزقه فلينفق ممّا آتاه الله» ، فالمورد لم يخصّص به الوارد ، بل هو عامّ ، والمعنى على هذا : لا يكلّف نفسا إلّا بدفع مقدار مقدور عليه من المال ، ولا يكلّف نفسا إلّا بفعل واجب أو ترك حرام أقدرها عليه ، فمجيء الإيتاء بمعنى الإقدار المناسب مع مورد الآية سهّل أمر الاستدلال بها على ما نحن فيه وإن كان في غير المقام قد يناسب أن يكون بمعنى الإعلام.
وعلى ما ذكرنا فإيراد الشيخ الأنصاريّ على إرادة المعنى الأعمّ باستلزامها لاستعمال اللفظ في أكثر من معنى مندفع وغير وارد.
ونفس التقريب جار في عديل الآية الشريفة من قوله تعالى في آخر سورة البقرة : الآية ٢٨٦ (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها).
نظرا إلى أنّ فعل مجهول الحكم أو تركه بعنوان حكم ظاهريّ ووظيفة عبودية خارج عن وسع المكلّف عند عامّة الناس وفي عرفهم ، فدلالة الآيتين واضحة على المقصود (١).
٢ ـ ومنها في سورة بني إسرائيل (الاسراء) الآية ١٥ : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) ، أي ليس من شأننا أن نؤاخذ ونعذّب الناس دنيويا واخرويا لا فعلا ولا استحقاقا إلّا بعد أن نوصل إليهم بيانا ونعلم العباد وظيفتهم ونتمّ عليهم الحجّة عقلا ونقلا ، فالآية شاملة لبراءة المكلّف عن مخالفة التكليف
__________________
(١) وفي نفس السورة الآية : (٢٣٣) لها عين الدلالة ، ولها أخوات لفظا ودلالة في سور اخرى.