وأمّا الفحص عنه في الكتب الممهّدة لعلوم الأدب والمبادئ منها : اللغة الصغرى ، والرجال ، والنسب ، والتراجم ، فالظاهر عدم لزومه ؛ لأنّ مراجعة الزائد على القدر المتعارف توجب الخروج عن المتعارف وهو الوصول إلى حدّ اليأس المظنون الاطمئناني من وجود دليل على التّكليف. وأمّا تحصيل العلم باليأس فمع أنّه ربّما يلزم منه العسر والحرج يلزم منه تعطيل استعلام حال سائر التكاليف ، واستنباط بقيّة الأحكام واستخراجها.
الثّاني : الفرق الاصطلاحي بين الدليل والأمارة والأصل العملي والدليل الفقاهتي.
الدليل معناه العام : هو العلّة لفهم الحكم الشّرعيّ علما أو ظنّا اطمئنانيّا ، وهو قياس منطقيّ متألّف من مقدّمتين ، شرعيّتين أو عقليّتين أو مختلفتين ، كان القياس المؤلّف استثنائيّا أو اقترانيّا ، تقدّم تلويح إلى ذلك في الجزء الأول : ص ٢٠٧.
والدليل بهذا المعنى يشمل جميع الأقسام المذكورة في العنوان ، ولكن بحسب الاصطلاح المصطاد من كلام منقول عن مدرسة الوحيد البهبهاني (رحمهالله) أنّ كلّ واحد من الأربعة في مقابل الآخر (١). وأجمع التّفسير وأكمله في الفرق والتمييز بينها هو تعبير تلميذ الشيخ الأنصاري : ميرزا موسى في أوائل أوثقه ، حيث قال :
«ثمّ إنّ مجمل الكلام في ضابط الأدلّة والاصول : أنّ ما اعتبره الشارع سواء كان من باب التأسيس أو الإمضاء والتقرير : إمّا أن يكون اعتباره في نفس الأحكام الكلّيّة ، أو في الموضوعات الخارجيّة ، أو في الأعمّ منهما. وعلى التّقادير : إمّا أن
__________________
(١) ذكره الشيخ في الرسائل مرّتين : مرّة في أوائل المقصد الثالث ، واخرى في أواخر بحث الاستصحاب قبل مبحث قاعدتي الفراغ والتجاوز ، وتعبيره الثّاني أحسن في الجملة في تشخيص المراد من الدليل الاجتهاديّ والفقهائي ، والأمارة ، وعبارة أوثق الوسائل أجمع وأكمل ، ولذلك أوردناها بنصّها.