بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله بعدد ما في علمه والصلاة والسلام على أشرف خلقه وأكرم بريته محمد وعترته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا واللعنة الدائمة على أعدائهم الذين سيصلون سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (اما بعد) فهذا هو الجزء الرابع من كتابنا الموسوم بعناية الأصول في شرح كفاية الأصول وأسأل الله تعالى أن يوفقني لإتمامه وإتمام ما يتلوه من الجزء الخامس والسادس كما وفقني للأجزاء المتقدمة إنه ولي التوفيق ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
في تعريف الأصول العملية وتنقيح مجاريها
(قوله المقصد السابع في الأصول العملية .. إلخ)
قد أشرنا في صدر المقصد السادس المنعقد لبيان الأمارات المعتبرة شرعا أو عقلا إلى الفرق بينها وبين الأصول العملية وظهر هناك تعريف كل منهما على حده وأن ما له جهة كشف وحكاية عن الواقع هو أمارة سواء كانت معتبرة كخبر العادل أو غير معتبرة كخبر الفاسق وما ليس له جهة كشف وحكاية عن الواقع بل كان مجرد الوظيفة للجاهل الشاك في وعاء الجهل والحيرة من دون كشف ولا حكاية كقاعدة الطهارة وقاعدة الحل وقاعدة البراءة ونحوها أو كان له جهة كشف وحكاية ولكن الشارع لم يعتبره من هذه الجهة كما ادعى ذلك في الاستصحاب فهو أصل عملي (وقد أشرنا) إلى فرق آخر أيضا وإلى تعريف ثاني لكل منهما على حدة وهو ان كلا من الأمارات والأصول العملية وان كان لدى الحقيقة وظيفة مقررة للجاهل يؤخذ بها في وعاء الجهل والحيرة ويستند إليها في ظرف الستار على الواقع