بالاختيار وهي الإرادة الأزلية والمشية الإلهية ومعه كيف تصح المؤاخذة والعقاب على ما يكون بالأخرة بلا اختيار (وحاصل جوابه) أن العقاب انما هو بتبعة الكفر والعصيان وهما مستندان إلى الاختيار والاختيار إلى مقدماته ومقدماته إلى الشقاوة والشقاوة ذاتية والذاتي لا يعلل نظرا إلى كون الذاتيات ضرورية الثبوت للذات كما سيأتي التصريح به في التجري فينقطع السؤال عن أنه لم جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا فان الله تعالى أوجدهما ومن عليهما بالإيجاد والخلقة لا أنه جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا.
(أقول) ويرد عليه :
(أولا) أنه في الجواب عن الإشكال الأول قد أسند الكفر والعصيان والطاعة والإيمان إلى إرادة الله التكوينية غير أن إرادته تعالى قد تعلقت بهذه الأمور مسبوقة بمقدماتها الاختيارية وفي الجواب عن الإشكال الثاني أسندها بالأخرة إلى الشقاوة والسعادة الذاتيتين من دون استناد إلى إرادته تعالى وهو لا يخلو عن تناقض.
(وثانيا) ان اسناد الفعل في الجواب عن الإشكال الأول إلى إرادته تعالى المتعلقة بصدور الفعل مسبوقا بمقدماته الاختيارية مما لا يرتفع به الجبر كيف وإذا تعلقت به الإرادة الإلهية والمشية الربانية فلا بد من صدوره منه وهو عين الاضطرار لا الاختيار كما أن اسناد الفعل في الجواب عن الإشكال الثاني بالأخرة إلى الشقاوة والسعادة الذاتيتين مما لا يرتفع به الجبر أيضا فان الشقاوة والسعادة وان كانتا ذاتيتين والذاتيات ضرورية الثبوت الذات وانما أوجدها الله تبارك وتعالى بالجعل البسيط ولكنها مجعولة له تعالى تبعا لجعل أصل الذات بسيطا فإذا استند الفعل بالاخرة إلى جعله تعالى ولو تبعا لزم الجبر
(وثالثا) لو كان مجرد إرادته تعالى بصدور الفعل من العبد مسبوقا