نقول سبحان خالق الدار وخالق البعوض تكرمه له في نسبة خلق الأشياء المحتقرة إليه وإن كان اعتقادنا استناد كل شيء إليه ، قيل له : قد قال تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) [سورة التين : ٥] ، وقال تعالى : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) [سورة يسن : ٦٨] فقال لأنه في الآية الأولى أسند إليه الأمرين لقوله في الاستثناء : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [سورة التين : ٦] ، ابن الخطيب : وهذه الآية رد على الطبائعيين لأن أفعال [٤٧ / ٢٢٩] الطبيعة تختلف باختلاف الخلق بالطول والفقر والتغير دليل على الفاعل المختار الموحد كذلك قال : ولا قرأت قوله تعالى : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) [سورة المرسلات : ٢٠ ، ٢١] إلى قوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) [سورة المرسلات : ٢٨] أتقنت أن المراد بالمكذبين في الآية الطبائعون مخالفتهم القرآن.
قوله تعالى : (لِكَيْلا يَعْلَمَ) [سورة الحج : ٥].
ابن عطية : قيل إن الكلام للصيرورة وليس بشيء.
ابن عرفة : لاقتضائها جهل الفاعل بعاقبة الأمر والله تعالى هو الفاعل هنا.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).
وقدم العلم لعموم تعلقه بالمعدوم والموجود والمستحيل بخلاف القدرة.
قوله تعالى : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ).
دليل على صحة الخلاف لفظ البعض على المنصف وعلى أكثر منه لأن الفاضل أكثر رزقا من المفضول ، وحكى الخلاف في البعض هل يطلق على المنصف لدلالة على شارح الجزولية في باب التنبيه.
قوله تعالى : (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ).
فيه سؤالان الأول أن التفاوت إنما هو في الرزق التكميلي الزائد على ما يسدّ الرمق ويستر البدن وأما الحاجي فهم فيه مع المالك شئون فهلا قيل : (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي) فضل رزقهم كما قيل : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) وأجيب : بوجوه الأول ابن عرفة : لو قيل : (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي) فضل رزقهم لكان فيه غثاثة لتكرار لفظ الفضل ثلاث مرات وهذا يقال له في علم البيان : الاستخدام وهو أن فعبر باللفظ عن غيره خوف السآمة. الثاني : لأن فضل الرزاق أخص من الرزق فاستعمل الأخص في الثبوت والأعم في النفي لأن النفي الأعم يستلزم في الأخص ،