أصحابه في متعة الحج . قال الإمام القرطبي : « لا خلاف بين العلماء أن التمتع المراد بقوله تعالى : ( فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (١) هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج ، قلت : وهو فرض من نأى عن مكة بثمانية وأربعين ميلاً من كل جانب على الأصح ، وإنما أضيف الحج بهذه الكيفية إلى التمتع أو قيل عنه : التمتع بالحج ، لما فيه من المتعة ، أي اللذة بإباحة محظورات الإحرام في المدة المتخللة بين الإحرامين ، وهذا ما كرهه عمر وبعض أتباعه فقال قائلهم : أننطلق وذكورنا تقطر ؟ » وفي مجمع البيان أن رجلاً قال : أنخرج حجاجاً ورؤوسنا تقطر ؟ وأن النبي صلی الله عليه وآله قال له : « إنّك لن تؤمن بها أبداً » (٢) .
ولأجل هذه المكافحة التي نجمت في حياة النبي خطب عمر بن الخطاب في خلافته وقال : « متعتان كانتا على عهد رسول الله صلی الله عليه وآله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما » (٣) .
وهذه الأمور تسهل لنا التصديق بما رواه البخاري في إسناد عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : « لما اشتد بالنبي صلی الله عليه وآله وجعه قال : ايتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده . قال عمر : إن النبي صلی الله علیه وآله غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط . قال : قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع . فخرج ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلی الله عليه وآله وبين كتابه » (٤) .
كما تسهل لنا التصديق بخلافهم في حال حياته عندما أمرهم بقوله : « جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه » ، فقال قوم : « يجب علينا امتثال
____________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٩٦ .
(٢) النص والاجتهاد : ص ١٢٠ وقد نقل مصادر كلامه .
(٣) مفاتيح الغيب للرازي : ج ٣ ص ٢٠١ في تفسير آية ٢٤ من سورة النساء وشرح التجريد للفاضل القوشجي : ص ٤٨٤ .
(٤) صحيح البخاري : ج ١ ص ٣٠ .