قيل : ويجوز أن يجعل (نِصْفَهُ) بدل من قوله : (إِلَّا قَلِيلاً) ، ويقدر : أو انقص منه قليلا ، وذلك القليل نصف وهو الربع ، أو زد على هذا القليل الذي هو الربع ، فيكون مخيرا بين الربع ، والثلث ، والنصف ، وهذا بناء على أن الاستثناء من كل ليلة.
وقيل : الاستثناء القليل من جملة الليالي.
قوله تعالى
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [المزمل : ٤] هذا أمر بالترتيل.
قال جار الله ـ رحمهالله ـ : هو القراءة على ترتيل ، وتؤدة ، وتبيين للحروف ، وإسباغ الحركات حتى يجيء المتلو منها شبيها بالثغر المرتل وهو المفلج المشبه بنور الأقحوان ، ولا يسرده سردا ، وفي كلام عمر ـ رضي الله عنه ـ شر السير الحقحقة (١) وشر القراءة الهذرمة ، وذلك بأن يشبه المتلو في تتابعه الثغر الألص ، وسئلت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن قراءة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : لا كسردكم هذا ، لو أراد السامع أن يعد حروفه لعدها ، وقد فسر التنزيل بالتفهم.
وفي عين المعاني عن أبي بكر بن طاهر : تدبّر في لطائف خطابه ، وطالب نفسك بالقيام في أحكامه ، وعليك تفهم معانيه ، وسرّك بالإقبال عليه.
وفي الحديث : «يقال لقارئ القرآن اقرأ ، وارق ، ورتل ، كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها».
فهذه ثمرة من هذه الآية ، وقد أكد الله تعالى الأمر بالترتيل بقوله : (تَرْتِيلاً)
وللقراءة آداب في كتب الحديث :
منها التفهم ، والتدبر ، والخشوع ، والبكاء ، والتباكي.
__________________
(١) أرفع السير وأتعبه تمت.