هذه صفة مدح ، فيتوجه التشبه به صلىاللهعليهوآلهوسلم لقوله تعالى في سورة الممتحنة : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [التحريم : ٢١] وللمفسرين أقوال في تفسير خلقه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقيل : أراد على دين الإسلام عن ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، والأصم.
وقيل : الصبر على الحق ، وسعة البذل ، وتدبر الأمور على مقتضى العقل بالصلاح والرفق ، والمداراة ، وتحمل المكاره في الدعاء إلى الله ، والتجاوز ، والعفو ، وبذل الجهد في نصرة المؤمنين ، ودفع الأذى عنهم ، وترك الحسد ، والحرص ، والتباغض ، عن أبي علي.
وسئلت عائشة عن خلقه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : كان خلقه القرآن (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف : ١٩٩].
وقيل : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) [المؤمنون : ١] ، قيل : عاشرهم بخلقه ، وزايلهم بقلبه ، فكان ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق.
قوله تعالى
(فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) [الملك : ٨ ـ ١٤].
ثمرة هذه النكتة : التحذير عن هذه الخلال المذمومة ، وعن طاعة صاحبها ، والخلاف من كثر حلفه ، وأراد الحلف بالباطل ، ونزولها في الوليد بن المغيرة ، وقيل : الأخنس بن شريق ، وقيل : في الأسود بن عبد يغوث.
قال جار الله ـ رحمهالله ـ : وكفى بذلك مزجرة لمن اعتاد الحلف ، ومثل هذا قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) [البقرة : ٢٢٤] والمهين : الحقير لقلة رأيه ، أو لكذبه ، صار حقيرا عند الناس ، والهماز : المغتاظ الطعان.