تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [سورة الحج : ٦٣] ولا يقال : يؤخذ من الآية أن الذكر أفضل من التلاوة لأجل تقديمه لجواز أن يكون العطف في الآية من باب الترقي.
قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).
احتج بها الفخر للمعتزلة في قولهم : إن الرزق إنما يطلق على الحلال ؛ لأن الآية خرجت مخرج الثناء على المؤمنين ، ولا يصح الثناء إلا بإنفاق المال الحلال ، ورده ابن عرفة بقوله : (وَمِمَّا) وهي للتبعيض ، فهم أنفقوا بعض الرزق وذلك البعض هو الحلال.
قوله تعالى : (لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
الجمع إما للتوزيع ، أو يكون لكل واحد درجات.
قوله تعالى : (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ).
لا يبعد أن يؤخذ منها أن الموت أمر وجودي ، وفيه دليل على أن الوجود مصحح للرؤية وإلا لزم منه التشبيه بالمحال ؛ هذا إن كان مفعول ينظرون ضميرا محذوفا عائدا على الموت ، وإن لم يكن كذلك لم يؤخذ منه ما ذكر.
قوله تعالى : (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ).
قلت : هذا تحصيل الحاصل إذ الحق لا يحق قبل إحقاقه بمعنى إظهاره ؛ أي يظهر الحق ويظهر الباطل ؛ أي يظهر إبطاله.
قوله تعالى : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ).
قال ابن عرفة : ما الفائدة في إمدادهم بالملائكة مع أن الله قادر على نصرتهم من غير إمداد ، قال : فمنهم من أجاب بأنه إشارة إلى ترجيح اتخاذ الأسباب واعتبار الأمور العادية ، وأن الإنسان إذا رأى عدوا لا قدرة له عليه لم ينبغ له أن يقدم على قتاله حتى يكون معه من يعضده عليه ، إلا أن تدعوه الضرورة إلى ذلك ، ومنهم من قال : ليظهر امتنان الله تعالى على نبيه ، وقيل : إن ذلك خشية أن لو اقتصروا عليهم من غير إمداد بالملائكة لتوهم شأن المسلمين ومن فيه نجدة أن ذلك بمجرد قدرتهم في ذواتهم ، ولذلك حكى الزمخشري تلك الحكاية هنا ، وإنما عبر بالاسم في قوله (مُمِدُّكُمْ) إشارة إلى ثبوت الإمداد وتحققه.