أن منهم من منع اشتراط ذلك مستدلا بأنه لم يتم إلا بالحال وإلا يلزم عليه الكفر ورد بعضهم ، الثالث : بأن الكلام لا يستقل إلا بالخبر الأول.
وأجاب الطيبي : بأنه يستقل بالمجموع لكن لا يتم هذا إلا على اشتراط ابن عصفور كون الخبرين في معنى خبر واجد ، نحو : هذا حلو حامض ، ولا يأتي هنا.
قال ابن عرفة : بل يصح هنا ، ونقول : التقدير تلك الأمور المخبر عنها وعن أنبائها.
قوله تعالى : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ).
قلت : هذا في اللام الفارقة ، وإنما تدخل على خبر إن ؛ وهنا دخلت على خبر المبتدأ وهو خبر من خبر إن.
قوله تعالى : (تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ).
فإن قلت : لم أتى بالجملة الثانية معطوفة مع أنها مفسرة للأولى؟ قلت : لأن القصص لم تقع بكل الأشياء بل ببعضها ، فالعطف دال ومؤذن بمعطوف عليه لم يذكر.
قوله تعالى : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ).
إما أن تكون بمعنى الصائرين إلى الكفر ، كما قال الزمخشري : قوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة : ٢] تحصيل الحاصل ، أو على حاله ، ويراد بالطبع طبع خاص.
قوله تعالى : قيل هذا (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ).
ولم يقل : لا يعقلون؟ ؛ لأن المراد هنا السمع النافع لا [٣٤ / ١٦٨] مطلق السمع.
قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى) لم يأت لفظ بعثنا إلا مقيدا بقوله تعالى : (بَعْدِهِمْ) وذلك للتبيين أن المبعوث من جنس الرسل (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) ولم يقل : الظالمين ؛ ليشملهم وغيرهم ممن تقدم ذكره.
قوله تعالى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ).
قال الزمخشري : في القراءة المشهورة إشكال ولا يخلو من وجوه : أحدها : أن يكون مما يقلب من الكلام الآمن إلا لبأس ، كقوله :
ويشفي الرماح الضياطرة الحمر |
|
أي ويشفى بالضياطرة الحمر بالرماح |