قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ).
قال ابن عرفة : تقدمنا فيها سؤال ، وهو أنهم كذبوا لأنفسهم لا عليها لكونهم قصدوا به منفعة أنفسهم لا مضرتها ، قال : والجواب أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو به فهم أخبروا عن أنفسهم بغير ما اتصفوا به فهم كاذبون عليها ، فإن قلت : هلا قيل : كذبوا وضل عنهم ، وما أفاد زيادة قوله (أَنْفُسِهِمْ) ، قلنا : فائدة التشنيع عليهم في أنفسهم ؛ لأنهم كذبوا عمدا عدوانا ؛ لأن الكذب على الأجنبي يوهم فيه النسيان والخطأ ، وهؤلاء كذبوا على من هم عاملون حقيقة.
ابن عطية : وقال كذبوا في أمر لم يقع إذ هو حكاية عن يوم القيامة ، فوضع الماضي موضع المستقبل تحقيقا لوقوع الفعل ، وإن كان في الدنيا فظاهر.
ابن عطية : وأضاف الشرك إليهم ؛ لأنه لا شركة في الحقيقة بين الأصنام وبين شيء.
قال ابن عرفة : وكان بعضهم يقول : إذا بنينا على الخلاف المذكور في الأصول في التقييد ، بالحكم المشتمل على وصف مناسب إما أن يراعى فيه ذات الشيء ، أو الوصف المناسب فإن روعي هنا ذات الشيء فهو سؤال عن الشركاء حقيقة وهم موجودون ، وإن روعي هنا الوصف فليس ثم شركه ولا شركاء بوجه.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ).
قال الزمخشري : سبب نزولها أن أبا سفيان والوليد ، والنضر ، وعقبة ، وشيبة ، وأبا جهل استمعوا قراءة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقالوا للنضر : يا أبا قتيبة ما يقول محمد؟ قال : والذي جعلها بنية يعني مكة ما أرى ما يقول محمد إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين ، فقال أبو سفيان : إني لا أراه إلا حقا ، فقال أبو جهل : كلا فنزلت الآية ، قال ابن عرفة : قول أبي سفيان إني لا أراه إلا حقا محتمل أن يكون تصديقا كقول النضر ، وهو الظاهر ، أو لقول النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الظاهر لقول أبي جهل كلا ، ابن عرفة : والآية إما حكاية حال ماضية للتصوير مثل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [سورة الحج : ٦٣] ، أو حال حقيقة ؛ لأن ذلك وقع ولم يزل مشاهدا.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً).
قرره الزمخشري على مذهبه.