(إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) [سورة الأعراف : ٢٧] قال أبو حيان : وقول من قال : إن الفصل ولو بلا يجوز للعطف على الضمير المتصل ، مستدلا بقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [سورة الأنعام : ١٤٨] غير صحيح لا يشترط الفصل إلا بين المعطوف عليه وبين حرف العطف ، ولا في قوله (وَلا آباؤُنا) وأتت لا بين حرف العطف والمعطوف.
قال ابن عرفة : هذا لا يصح ؛ لأن سيبويه قد قال ويقول : زيد قام هو وعمرو لا يجوز العطف حتى يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، وكلامه يقتضي الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه لا بينه وبين حرف العطف ، وقد وجه السراج لسيبويه العطف إلا بعد التأكيد أو الطول بأن الضمير لشدة اتصاله بالفعل صار كالجزء منه فلم يكن ثم ما يعطف عليه ، ولا يشترط الفعل إلا قبل المعطوف لا قبل حرف العطف ، فإن لا قبل المعطوف بعد ذلك حاصلا لكنه فيه وجه آخر يمنعه ، وهو أن يكون أخذ العين بالعين وما بعده مرتبا على قتل النفس بالنفس فإنه معطوف على ضمير وما هو خبر عنه وليس كذلك ، قلت : وقال ابن عرفة في الختمة الأولى : (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) قيل : حال ، ورد أبو حيان بأنها حال لازمة والحال من شرطها الانتقال ، وأجاز ابن عرفة بأن النحاة أجازوا ضربني زيدا قائما ، وأكثر السويق ملتوتا وكلاهما لازمة.
قال ابن عرفة : وإنما رده عندي أنه يقتضي أن العين تبقى بالنفس ؛ لأنك إذا قلت : قام زيد في الدار وعمرو ، فالمعنى وعمرو في الدار وليس المعنى وعمرو في السوق.
قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
قلت : تقدم لابن عرفة فيها أن هذا أبلغ من أن لو قيل : من حكم بغير ما أنزل الله فإن الآية تتناول من يحكم بالباطل وحكم بالحق ، أو ترك الحكم وانظر هل المراد الحكم اللغوي فيتناول المعنى الظاهر عندي أن هذا الوعيد الخاص إنما هو للحاكم ؛ لأنه يجبر الخصم على فعل ما حكم ، والحكم به بخلاف المعنى.
قيل لابن عرفة : فمن حكم بالقياس ، فقال : هو مما أنزل الله ؛ لأنه يستند إلى المتبوع وجاء في الحديث ما يقتضي العمل به ، قال أبو جعفر بن الزبير : فيها سؤالان :
الأول : قال في الأولى (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) وفي الثانية (هُمُ الظَّالِمُونَ) ، وفي الثالث (هُمُ الْفاسِقُونَ).
الثاني : كيف ورد الأخف بعد الأثقل ، وآية الوعيد يقصد فيها الترقي من الأخف إلى الأثقل ثم نقل عن بعضهم أنه أجاب عن الأول بأنه لما تقدمها (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ