إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير ابن عرفة [ ج ١ ]

تفسير ابن عرفة [ ج ١ ]

49/463
*

فإذا كان ضد الخير عظيما لزم أن يكون الكبير عظيما أعظم من الكبير قطعا ؛ لأنه إذا انتفى عن العذاب اسم الحقارة ثبت له نقيضه وهو العظيم ، وإن كان في نفسه صغيرا ، وإذا انتفى ما فوق الحقارة ، وهو الصغر ثبت له ما فوق ذلك وهو الكبر فكان أعظم من العظيم ، قلت : هذا عند مالك خلافا لأبي حنيفة فإنه أجاز الصلاة بأنه العظيم أو السميع أو الكبير أو نحو ذلك ، والزمخشري حنفي المذهب.

قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ).

قال ابن عرفة : ذكر أولا المؤمنين وأهل التقوى والصفات الحسنة ، ثم ألف بين أهل الضلال والصفات القبيحة ، ثم المتصفين بأقبح من ذلك وهو الصنف والموجب للحلول في الدرك الأسفل من النار.

أو يقال : ذكر أولا من اتصف بالإيمان البسيط ، ثم اتصف بالكفر البسيط ، ثم اتصف بالدين المركب من الأمرين ظاهرا والكفر باطنا ، والمركب متأخر عن البسيط في الرتبة والألف واللام في الناس للعموم ، في أنواع بني آدم.

ومن للتبعيض في أشخاص تلك الأنواع ، وهذا القول إما من اليهود أو من المنافقين ، فإن كان من اليهود فهو قول حقيقي موافق للاعتقاد ، ومعناه : من الناس من يقول : آمنا بوجود الله واليوم الآخر ؛ لأنهم قد ادعوا الشرك ، فقالوا : عزير ابن الله ، وقالوا : إن الله ثالث ثلاثة ، فإن كان من المنافقين فمعناه : ومن الناس من يقول آمنا بوجود وحدانية الله.

ويجري هذا على اختلاف في كلام النفس هل يمكن فيه تعمد الكذب ويكون الاعتقاد فيه مخالفا للعلم أو لا يمكن ذلك؟ وهي مسألة تكلم عليها الأصوليون لما قسموا العلم إلى تصور وإلى تصديق.

فإن قلنا بجواز الكلام النفسي فيكون هذا قولا حقيقيا بألسنتهم ، وقلوبهم وإن منعنا وقوع الكذب فيه فيكون قولا باللسان فقط.

قال : وانظر كيف لم يصرحوا بالإيمان بالرسول مطابقة بل عبروا بلفظ يدل عليه باللزوم لا بالمطابقة؟ لأن مقصودهم كف الأذى عنهم لا الإيمان حقيقة.

قال ابن عطية : في الآية رد على الكرامية في قولهم : إن الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب.