انشد ابن عطية هنا :
وكأين ابن صامت لك معجب |
|
زيادته أو نقصه في التكلم |
قال أبو عبيد في الأمثال : البيت للأحنف بن قيس ، كان يجالسه رجل يطيل الصمت حتى عجب منه الأحنف ، ثم إنه تكلم يوما ، فقال للأحنف : يا أبهر [٢١/١٠٤ و] تقدر أن تمشي على شرف المسجد فعنده تمثل البيت وبعده
لسان الفتى نصف ، ونصف فؤاده |
|
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم |
قال شيخنا : أخبرا شيخنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن يحيى بن الحباب قال أخبرنا شيخنا الفقيه الأستاذ أبو العباس أحمد بن يوسف السلمي الكناني قال : قلت لشيخنا الأستاذ أبي الحسن علي بن عصفور : لم أكثرت من الشواهد في شرحك للإيضاح على (كَأَيِّنْ) ، قال : لأني دخلت على السلطان الأمير أبي عبد الله المنتصر فألفته ابن هشام خارجا من عنده ، فأخبرني أنه سأله عما يحفظ من الشواهد على قراءة (كَأَيِّنْ) فلن يستحضر غير بيت الإيضاح :
وكأين بالأبطح من صديق |
|
يراني لو أصيب هو المصابا |
قال ابن عصفور : فلما سألني أنا ، قلت له : أحفظ خمسين بيتا ، فلما أنشدته نحو العشرة ، قال حسبك ، ثم أعطاني خمسين دينارا فخرجت فوجدت ابن هشام جالسا بالباب ، فأعطيته شطرها.
قوله تعالى : (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا).
قال ابن عرفة : هذا ترتيب حسن ؛ لأن الوهن أشدها وعليه الضعف ، وعليه الاستكانة ، فنفى أولا الأبلغ ، ثم نفى ما دونه ، ثم نفى ما دونه ؛ لأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم ، وفي الآية الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه ، وما ضعفوا لما أصابهم.
قال ابن عرفة : والضمير في (وَهَنُوا) إما على لفظ الربيين دون معناه ، مثل عندي درهم ونصفه ؛ لأن من قل لا يوصف بعدم الوهن ، وإما عائد على أن الربيون لفظا ، ومعنى ، ويكون المراد أنهم ماتوا على حالة التجلد والشدة من غير خوف في نفوسهم ولا ضعف في قلوبهم بوجه.