وهل هو نفس المخلوق أم لا وتسلسل؟ وأجابوا بأنه إما نسبي وهو غيره لكنه أمر نسبي فليس فيه تسلسل.
قيل لابن عرفة : والأمور النسبية عدمية والعدمية لا يصح الاحتجاج بها فكيف يستقيم الاستدلال لما في الآية؟ فقال : الاستدلال بها من حيث إضافتها إلى أمر موجود وهو المخلوق.
قيل لابن عرفة : إن الفخر ابن الخطيب احتج بها على أن الخلق غير المخلوق ، قال : لأنه لا يقع الاعتبار إلا بالنظر إلى المخلوقات بعد وجودها لا بخلقها ؛ لأنه غير مروي ، فقال ابن عرفة : الاعتبار بها من حيث إيجادها من عدم وهو معنى خلقها ، فقال : والناس قسمان : عالم وجاهل ، والجاهل يعتبر بعض خلقها على الجملة ، والعالم ينظر فيجد المعمور من الأرض أقل من الخالي ، والخالي بالنسبة إلى سائر الأرضين أقل ، والأرضون بالنسبة إلى سماء الدنيا وما فوقها أقل ، والسماء الدنيا وما فوقها بالنسبة إلى الشمس أقل لأنها في السماء الرابعة ، والشمس بالنسبة إلى السماء التي فوقها أقل.
قال ابن عرفة : وإنما جمعت السماوات وأفردت الأرضون مع أنها سبع كما أن السماوات سبع ، لأن عدد السماوات يدرك بالرصد ، وطول الأعمار ، والكسوفات ، وطول البلاد وعرضها ، وجري الكواكب ، والأرضون لا طريق إلى إدراكها بوجه الماضي ؛ لأن المشاهد لنا منها إنما هي أرض واحدة فأفردت بالذكر ، ولهذا اختلف فيها الإمام المازري وشيخه عبد الحميد الصانع ، وأجاب القرطبي عن هذا السؤال بأن السماوات مختلفة ، فقد ورد في الحديث : " أن بعضها من فضة وبعضها من زبرجد وبعضها من لؤلؤ" إلى غير ذلك ، فلذلك جمعت بخلاف الأرضين ، [٢/١٠] فإنها متماثلة كلها من شيء واحد.
ابن عرفة بوجهين : الأول : مذهب المتكلمين أن الجواهر كلها متساوية في الجد والحقيقة وإنما تختلف في الأعراض ، فلا فرق بين جسم الذهب وجسم الفضة.
الثاني : أن النحويين أجازوا جمع المتماثلات ، ألا ترى أنهم يجمعون زيد وزيد أو زيدا مع تماثلهم في اللفظ والمعنى ، فكذلك يجمع الأرضون هنا ، قال : وإنما الجواب ما قلناه في قوله تعالى في أول سورة البقرة : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ