وفي القصة أنه لما وصل إلى شعيب ووضع الطعام بين يديه قال : أصب يا فتى فقال : ألم تعلم أنا لا نبيع ديننا بدنيانا ، وروي لا نبيع ديننا بطلاع الأرض ذهبا ، ولا نأخذ على المعروف ثمنا ، فقال شعيب : هذه عاداتنا إلى كل وارد مؤمن وكافر ، وكان موسى صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يذق طعاما سبعة أيام ، وقد لصق بطنه بظهره ، وعرض بالدعاء بقوله : (لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) [القصص : ٢٤].
وثمرة ذلك :
جواز العمل بخبر المرأة وجواز المشي معها مع التحرز ، وأنه لا ينبغي أن يؤخذ على الطاعة عوض ، وهذا نظير قوله تعالى في سورة الليل : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [الليل : ١٩ ، ٢٠] وهذا يفصل فيه : فإن قصد بفعل الطاعة العوض لم تكن طاعة ولم يجز العوض ؛ حيث تكون عبادة ، وإن لم يقصد ذلك فأخذ الجزاء على ذلك جائز ، وقد قال تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن : ٦٠] وترك الأخذ تحرج وتشدد.
ومن هذا لو علّم لوجه الله تعالى قرآنا أو شيئا من سائر العلوم ، ثم أضاف التلميذ شيخه ، أو أحسن إليه جاز الأخذ ، والأفضل الترك ، فإن كان الإحسان لمحله من الفضل جاز ذلك ولا حرج على أحد ، وقد كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحضرون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دعواتهم ، ويتبركون بحضوره موائدهم ، وهو معلم الخير.
قوله تعالى
(قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي