واختلف أهل التفسير في سبب نزول هذه الآيات ، فقيل : عاهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثة أحياء من العرب وهم : خزاعة ، وبنو مدلج ، وبنو خزيمة سنتين ، فنزلت فيهم ، وجعل لهم أربعة أشهر أجلا ، ولم يعاهد أحدا بعد ذلك ، وهذا مروي عن مقاتل.
وقيل : في المشركين عموما ، وهذا مروي عن الحسن.
وقيل : نزلت في أهل مكة ؛ لأنهم عاهدوا عام الحديبية على وضع الحرب عشر سنين ، ودخلت خزاعة في عهد رسول الله ، ودخل بنو بكر في عهد قريش ، فعدت بنو بكر على خزاعة ، وأعانهم قريش فظاهروهم ، فجاء عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة حتى وقف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنشد أبياتا وهي :
لا هم أني ناشد محمدا |
|
حلف أبينا وأبيه الأتلدا |
إن قريشا أخلفوك الموعدا |
|
ونقضوا ذمامك المؤكدا |
هم بيتونا بالحطيم هجدا |
|
وقتلونا ركعا وسجدا |
وهم أذل وأقل عددا |
|
فانصر هداك الله نصرا مددا |
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا نصرت إن لم أنصرك» وهذا عن مجاهد ، وابن إسحاق.
ولهذه الجملة ثمرات : منها جواز نقض المعاهدة من المسلمين للمشركين ، ولكن اختلف العلماء في الحال التي يجوز فيها نقض العهد فقال الأكثر : وهو الظاهر من المذهب إن الوفاء بما عقد عليه من العهد واجب ، وإنما يجوز نقضه لأحد أمور ثلاثة :
الأول : أن يكون مشروطا بشرط أنه يبقى إلى أن يرفعه الله تعالى بوحي ، ويروى أنه عاهد على هذا الشرط.