وقوله تعالى : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) اختلف المفسرون : ما أراد بالفصال؟
فقال مجاهد ، وقتادة ، وسفيان : يعني فطاما قبل الحولين.
وقال ابن عباس : قبل الحولين ، أو بعد ، وهو توسعة بعد التحديد.
وقيل : مفاصلة بين الولد والوالدة ، ولا جناح مع التراضي والتشاور في مصلحة الصبي ، ومع عدم التراضي يرجع إلى الحولين في الرضاع ، وفي التربية إلى وقت الاستقلال.
وقوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ) يعني : وإن أردتم أيها الآباء أن تسترضعوا غير الأمهات لإباء الأم من الرضاع ، أو لعلة بها ، أو لطلب نفقة فوق الوسع ، أو لانقطاع لبنها ، أو طلبها النكاح (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) ولا حرج في ذلك (إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ) قيل : يعني سلمتم للأم قدر الحصة لمدة إرضاعها.
وقيل : سلمتم للمرضعة الأجنبية.
وقيل : إذا سلمتم الولد للاسترضاع عن تراض لا للضرار.
وقوله تعالى : (ما آتَيْتُمْ) أي : ما أردتم إيتاءه كقوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة : ٦] وقوله : (ما آتَيْتُمْ) بالمد ، وقرئ (أَتيتم) بالقصر ، وهما من السبع ، من قولهم : آتى إليه إحسانا ؛ إذا فعله ، وقرئ في الشاذ (ما أوتيتم) أي : ما آتاكم الله (١).
قال الزمخشري : وليس التسليم شرطا في الجواز ، ولا في الصحة ، وإنما هو للندب ، بعث على أن يكون المدفوع هنيا لتطيب نفس المرضعة ، فيعود ذلك إلى صلاح الصبي ، ويؤمن تفريطهن.
__________________
(١) وروى شيبان عن عاصم (ما أوتيتم) أي : ما آتاكم الله ، وأقدركم عليه. كشاف.