وقيل : بعد أن خرج من الحرم (١) قال المسلمون في المدينة (٢) حين بلغ خبره : لو بلغ المدينة لكان أتم أجرا ، وقال المشركون : ما أدرك ما طلب ، فنزلت الآية (٣).
وقوله : (مُراغَماً) أي : مكانا يرغم عدوه ، والإرغام : مصيره في الرغام ، وهو التراب يقال : رغم أنف فلان ، عبارة عن ذله ، وكأن أنفه صار في الرغام.
وقوله : (وَسَعَةً) أي : رزقا وغناء ، أو مكان يتسع فيه الرزق ، أو مكانا يغضب فيه عدوه.
وثمرة الآية : أن من خرج إلى الهجرة ومات في الطريق ، فقد وجب أجره على الله تعالى.
قال الحاكم : لكن اختلف العلماء ، فقيل : أجر قصده ، وقيل : أجر عمله دون أجر الهجرة ، وقيل : بل له أجر المهاجر ، وهو ظاهر ما في سبب الآية.
قال الحاكم : وقد استدل بعض العلماء أن الغازي يستحق السهم وإن مات في الطريق ، قال : وهو بعيد ؛ لأن المراد بالآية أجر الثواب.
قال جار الله (٤) حكاية عن المفسرين : إن كل هجرة لغرض ديني من
__________________
(١) تفسير الثعالبي (٢ / ٢٨٩) ، زاد المسير (٢ / ١٨٠) ، تفسير الطبري (٤ / ٢٤٠) ، وما بعدها ، تفسير ابن كثير (١ / ٨٦٠) ، الخازن (١ / ٤١٨) ، الكشاف (١ / ٥٥٧).
(٢) في (ب) : بالمدينة.
(٣) تفسير الخازن (١ / ٤١٧) ، الكشاف (١٥٥٧ ـ ٥٥٨) ولفظ الكشاف (وفي الكشاف ما لفظه (وروى في قصة جندب بن ضمرة : أنه لما أدركه الموت أخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال : اللهم هذه لك وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعك عليه رسولك. فمات حميدا فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : لو توفي بالمدينة لكان أتم أجرا ، وقال المشركون وهم يضحكون : ما أدرك هذا ما طلب ، فنزلت).
(٤) الكشاف (١ / ٥٥٨).