قال في النهاية : وأوجب أهل الظاهر رفع الصوت بالتلبية ، وجمهور العلماء قالوا : إنه يستحب إلا المرأة فإنها تسمع نفسها ، قال مالك ، لا يرفع صوته في مساجد الجماعة ، بل يسمع من يليه إلا في المسجد الحرام ، ومسجد منى.
الحكم الرابع
في ذكر الرفث ، والفسوق ، والجدال ، وبيانه :
أما الرفث ، فقيل : إنه الجماع ؛ لأنه يفسد الحج ، وذلك مروي عن ابن مسعود ، وقتادة.
وقيل : هو الفحش في الكلام. وقيل : أراد مواعدة الجماع ، والتعريض لنسائه عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء.
حكى الثعلبي عن حصن بن قيس عن ابن عباس ، وكان خليلا لابن عباس ، قال : لما أحرمنا أخذ ابن عباس بذنب بعيره ، فجعل يلويه ، وهو يحدو ويقول :
وهن يمشين بنا هميسا |
|
إن تصدق العير نطأ لميسا |
فقلت له : أترفث وأنت محرم؟ فقال : إنما الرفث ما قيل عند النساء.
وقيل : هو غمز النساء ، والتعريض لهن بالفحش من الكلام.
وأما الفسوق : فقيل : أراد معاصي الله كلها ، وحكى ذلك الثعلبي عن ابن عباس ، وطاووس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وعن الضحاك : هو التنابز بالألقاب ، بدليل قوله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) [الحجرات : ١١].
وقال ابن زيد : هو الذبح للأصنام ، بدليل قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام : ١٢١] وقوله تعالى : (أَوْ فِسْقاً