المفردات :
(الْمُبِينِ) : صاحب البيان الواضح لكل ما يحتاج إليه الإنسان في أمور دينه ودنياه (مُنْذِرِينَ) أى : مخوفين به (يُفْرَقُ) : يفصل ويبين (حَكِيمٍ) : محكم لا لبس فيه (مُوقِنِينَ) أى : تريدون اليقين من الأمور (يَلْعَبُونَ) اللعب : الشغل بما لا يجدي. (فَارْتَقِبْ) : انتظر. (بِدُخانٍ) : دخان النار معروف. (يَغْشَى النَّاسَ) : يحيط بهم من كل جانب (مُعَلَّمٌ) أى : يعلمه غيره (نَبْطِشُ) البطش : الأخذ بقوة وشدة.
المعنى :
حم. أقسم ربك بالقرآن الكريم الذي هو الكتاب المبين على أنه أنزل القرآن في ليلة مباركة كثيرة الخيرات. وهذا النسق من الكلام يدل على أن الله يعظم القرآن غاية التعظيم حيث أقسم به على أنه أنزل في ليلة مباركة. وهذا شبيه بقولك لصديق لك : أقسم بحقك عليك.
والله ـ سبحانه ـ يقول في سورة البقرة : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ويقول : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ويقول هنا : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) ومن هذه النصوص الصريحة يتبين لنا أن القرآن نزل في ليلة مباركة هي ليلة القدر. وهذه الليلة إحدى ليالي شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن حتى تتوافق جميع النصوص القرآنية ، ولعل إبهامها ليترقبها الناس في ثلاثين ليلة ، والكتاب المبين إنا أنزلنا هذا القرآن في ليلة مباركة ـ هي ليلة القدر لا ليلة نصف شعبان كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء ـ إنا كنا منذرين الناس بهذا القرآن. والقرآن الكريم نزل منجما تبعا للحوادث في ثلاث وعشرين سنة بين مكة والمدينة المنورة. والمعروف أن بدء نزوله كان في ليلة القدر التي هي الليلة المباركة ، وقيل : إن معنى نزوله فيه أنه نزل إلى السماء الدنيا في تلك الليلة والله أعلم بذلك.
وهذه الليلة المباركة وصفت هنا بصفات مشابهة لصفاتها في سورة القدر ، فقال جل شأنه : فيها يفرق كل أمر حكيم ، أى : يفصل ويبين كل أمر محكم ذو حكمة يدل على حكمة بالغة لله تعالى. وهذه الأمور المحكمة يزداد شرفها بأنها أمر من عند الحق ـ