المفردات :
(وَحَشَرْنا) : جمعنا. (قُبُلاً) : جمع قبيل ، كرغيف ورغف ، أى : ضمناء وكفلاء ، وقيل : قبلا ، أى : مواجهة ومقابلة ، ومنه قيل : قبل الرجل ودبره ، وقرئ قبلا ، أى : عيانا ومواجهة. (شَياطِينَ) قال ابن عباس : كل عات متمرد من الجن والإنس فهو شيطان. (يُوحِي) الإيحاء : الإعلام مع الخفاء والسرعة كالإيماء ، والمراد ما توسوس به الشياطين من الجن والإنس. (زُخْرُفَ) الزخرف : الزينة ، ومنه سمى الذهب زخرفا ، وجعل تمويههم زخرفا لتزيينهم إياه. (غُرُوراً) : خداعا باطلا. (وَلِتَصْغى) صغى إليه : مال ، وصغى فلان ، وصغوه معك : ميله وهواه. (وَلِيَقْتَرِفُوا) اقترف المال : اكتسبه ، والذنب : اجترحه.
روى عن ابن عباس أنه أتى جماعة من كفار مكة وزعمائها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وقالوا : أرنا الملائكة يشهدون بأنك رسول الله ، أو ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم : أحقّ ما تقول أم باطل؟ أو ائتنا بالله والملائكة قبيلا ، فنزلت الآية.
وهذا تفصيل لما أجمل في قوله تعالى : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) (١) مع تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم بذكر طبائع الناس وما يلاقيه الأنبياء في دعوتهم.
المعنى :
ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة فرأوهم بأعينهم المرة بعد المرة ، كما قالوا : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) (٢) ولو كلمهم الموتى بأن نحييهم لهم فيخبروهم بما رأوا من ثواب أو عقاب كما قالوا : (فَأْتُوا بِآبائِنا) (٣) ولو أننا حشرنا عليهم ، وجمعنا لهم من كل شيء من الآيات والدلائل غير الملائكة والموتى معاينة ومواجهة ليكون ذلك دليلا على صدق دعواك ، أو جمعنا عليهم كل شيء ضمناء وكفلاء بصحة ما بشرنا به وأنذرنا.
لو حصل كل هذا لما كان من شأنهم الإيمان ، ولا كان استعدادهم يقتضى ذلك ، لأنهم ينظرون إلى الآيات نظرة تعنت وعداوة ، بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ،
__________________
(١) سورة الانعام آية ١٠٩.
(٢) سورة الفرقان آية ٢١.
(٣) سورة الدخان آية ٣٦.