المفردات :
(لا يَحْزُنْكَ) : لا يؤلمك هؤلاء. (يُسارِعُونَ) أى : يقعون في الكفر بسرعة ورغبة ، والمراد أنهم ينتقلون مسرعين من بعض فنون الكفر إلى بعض آخر. (فِتْنَتَهُ) : اختباره حتى يظهر ما تنطوى عليه نفسه. (لِلسُّحْتِ) : الخبيث من المكاسب ، وهو في اللغة : الهلاك والشدة ، وسمى المال الحرام سحتا لأنه يسحت الطاعات والبركات ، أى يذهبها.
سبب النزول :
روى أبو داود أنه زنى رجل وامرأة من اليهود ، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا إلى هذا النبي فإنه بعث بالتخفيفات ، فإن أفتى بفتيا دون الرجم قبلناها ، واحتججنا بها عند الله ، وقلنا : فتيا نبي من أنبيائك ، قال : فأتوا النبي صلىاللهعليهوسلم وهو جالس في المسجد مع أصحابه فقالوا : يا أبا القاسم : ما ترى في رجل وامرأة زنيا ، فلم يكلمهم النبي صلىاللهعليهوسلم حتى أتى بيت مدارسهم ، أى : مدارسهم فقام على الباب فقال : «أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ فقالوا : يحمم وجهه ، أى : يوضع عليه السواد ، ويجبه ـ يحمل الزانيان على حمار مع تقابل أقفيتهما ويطاف بهما ـ ويجلدان ، قال : وسكت شاب منهم يقال له ابن صوريا ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم ألظ به النشدة ـ ألح في سؤاله ـ فقال ابن صوريا : اللهم إذ أنشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم. فقال الرسول : فإنى أحكم بما في التوراة فأمر بهما فرجما ـ انتهى كما في القرطبي.
ورويت روايات أخرى كلها تدور حول إنكارهم الحكم ، وعبثهم بالشريعة والتوراة.
المعنى :
يرشدنا الله ـ سبحانه وتعالى ـ إلى أدب الخطاب مع النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله : يا أيها الرسول ، حتى لا نناديه ، كما كان يفعل بعض الأعراب ، ولقد كان نداء أفاضل الصحابة ،