فلمّا اجتمعوا في صعيد ، قال النّاس بعضهم لبعض : انطلقوا فلنحضر هذا الأمر لعلّنا نتّبع السّحرة إن كانوا هم الغالبين ـ يعنون موسى وهارون استهزاء بهما ـ ، فقالوا : يا موسى ـ لقدرتهم بسحرهم ـ إمّا أن تلقي ، وإمّا أن نكون نحن الملقين ، قال : بل ألقوا ، (فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ، وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ). فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفة ، فأوحى الله إليه أن ألق عصاك ، فلمّا ألقاها صارت ثعبانا عظيما فاغرة فاها / ، فجعلت العصا (١) تلبّس بالحبال (٢) حتّى صارت جرزا على (٣) الثّعبان تدخل فيه ، حتّى ما أبقت عصا ولا حبلا إلّا ابتلعته ، فلمّا عرف السّحرة ذلك ، قالوا : لو كان هذا سحرا لم يبلغ من سحرنا كلّ هذا ، ولكنّه أمر من الله ، آمنّا بالله وبما جاء به موسى ، ونتوب إلى الله ممّا كنّا عليه. فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأتباعه ، وظهر الحقّ
__________________
(١) هكذا في الأصل : «العصا» وألحقت بالهامش «العصى (ن)» وكتب فوقها نون.
(٢) ألحقت بالهامش : «بالحيات» وكتب فوقها «خ» : أي خطأ.
(٣) كذا في الأصل ، وفي الدر المنثور «جرد إلى الثعبان» وفي مسند أبي يعلى «جرزا إلى الثعبان».
__________________
قوله جرزا على الثعبان جرز بوزن غرف جمع مفرده جرزة بوزن غرفة ، وهي الحزمة من العيدان ، أي أصبحت عصا موسى تلتهم كل العصى والحبال التي ألقاها السحرة حتى امتلأت بها جميعا فأصبحت كالحزمة من الأعواد من ضخامتها.