فمن ذلك ما يقع في كلام الإمام الشافعي في بعض المسائل التي يخالف فيها مالكا من اختلاق كلمات فيها غضّ من مالك مع ما عرف عن الشافعي من تبجيل أستاذه مالك كما رواه عنه حرملة : «مالك حجة الله على خلقه بعد التابعين». ومنه ما تراه في كلام مسلم في «مقدمة صحيحه» مما يظهر الغض الشديد من مخالفة في مسئلة اشتراط العلم باللقاء. والمخالف هو البخاري ، وقد عرف عن مسلم تبجيله للبخاري.
وأنت إذا تدبرت تلك الكلمات وجدت لها مخارج مقبولة وإن كان ظاهرها التشنيع الشديد.
قلت [أي الشيخ حجازي] : «فقول النسائي في معاوية يخرج من هذا المخرج ، وعلى هذا تحمل كلمته ، فقد رأى خلقا احترقوا في حب معاوية ، وهلكوا في بغض علي رضي الله عنهما ، فأراد أن يغض من معاوية قليلا حتى لا يهلك فيه ذلك المحترق (!).
وإلا فقد قال النسائي (١) وسئل عن معاوية : «إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة. فمن آذى الصحابة إنما أراد
__________________
(١) كما رواه ابن عساكر في تاريخه ، وذكره عنه المزي في التهذيب (١ / ٣٣٩).