قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٩ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٩ ]

563/639
*

بل هو بيان تفصيل وأن حكمه القصر على المنصوص دون التعدي ، والله أعلم.

وفي الآية دلالة لصحة مذهب أبي حنيفة ـ رحمه‌الله ـ في أن العتق يحتمل التجزئة ، وهو أن يعتق بعضه ، ويبقى الباقي بحاله ثم يعتقه بأوقات بعده ؛ إذ قال : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، أي : تحرير رقبة بلا مماسة في التكفير ، ولو كان بعض العتق يوجب عتق الكل لكان لا يفيد قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، ألا يقع العتق إلا قبل المماسة ؛ فلما قال دل أنه أراد ـ والله أعلم ـ بألا تمسوهن عند ما أعتقتم بعضه ولم تعتقوا الكل حتى يكمل ويتم فيه الإعتاق ؛ ولهذا قال بأنه يلزمه الاستئناف في العتق كما في الصوم ؛ فدل أن الإعتاق متجزئ ، والله أعلم.

ثم جعل الكفارة فيه ما ذكرنا ، ولم يجعل الكفارة فيه التوبة والاستغفار فقط ؛ لوجهين :

أحدهما : أنه لو جعل توبته به لكان لا يظهر ذلك ، وأنه أمر بينه وبين المرأة ؛ فلا يدرى أنه تاب أو لم يتب ، وربما يظهر التوبة بالقول وإن لم يتب حقيقة بقلبه ؛ فتتهمه المرأة ؛ فجعل التوبة فيه أمرا ظاهرا يعرف به توبته ؛ دفعا للتهمة عنه ، وتسكينا لقلب المرأة ، والله أعلم.

والثاني : أن الله جعل الاستمتاع في النكاح نعمة عظيمة ؛ فتشبيهها بالمحرم الذي يتأبد حرمته : أمر فظيع ، فلم يجعل له الخروج منه بشيء لا يثقل عليه فيقدم ثانيا وثالثا لخفة أمره عليه ؛ بل جعل ما يتألم عليه ويشتد عليه زجرا له عن مثله في المستقبل ولغيره : كما في الزنى وغيره من الأجرام.

ثم لم يجعل ملك اليمين للاستمتاع خاصة ـ وإن أبيح لهم ذلك ـ ودلا جعل لهن قبل السادات حق الاستمتاع ؛ فلم يصر تشبيههن بمن ذكر كفران نعمة عظيمة ، ولا إبطال حق لهن قبل مواليهن ؛ لذلك افترقا ، والله أعلم.

وقيل : إن الظهار كان طلاق قوم ، فأبدل إلى تحريم المتعة ، ولم يكن للإماء حظ من الطلاق ، وهو الطلاق ، ولم يكن لهن [حظ] من الذي صار وانتقل إليه. ولكن إن ثبت هذا كان طلاقا يوجب حرمة لا ترتفع أبدا ، لا طلاقا يوجب حرمة ترتفع بالنكاح ، على ما تقدم ذكره. والإماء لم يكن لهن حظ من هذا التحريم ؛ لعدم تصور ملك النكاح مع ملك اليمين ، فأما لهن حظ من الحرمة المؤبدة بالمحرمية : فإن كان تلك الحرمة هي الأصل ، وهن أصل لها ، مع قيام ملك اليمين ، يكن أهلا لما ينتقل إليه من الحرمة المؤقتة ؛ دل أن الطريق ما قلنا ، والله أعلم.

وفي الآية دلالة جواز تأخير البيان ؛ لأن ذلك الرجل لما ظاهر من امرأته اشتد بهم