ويحتمل المراد
بالميزان : الأحكام التي وضعت بين الخلق ، والشرائع التي جعلت عليهم ؛ ليقوموا
بوفائها وينتهوا عن التقصير فيها ، والتعدي عن حدودها.
وقيل : الميزان : العدل ، وهو ما ذكرنا ، والله أعلم.
وذكر أن
الموازين ثلاثة :
أحدها : العقول
، وهي التي يعرف بها محاسن الأشياء ومساوئها ، وقبح الأشياء وحسنها.
والثاني :
الميزان الذي جعل بين الخلق لإيفاء الحقوق والاستيفاء.
والثالث : الذي
جعل في الآخرة ؛ ليوفى به ثواب الأعمال وجزاؤها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي
الْمِيزانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) ، قوله : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي
الْمِيزانِ) ، (وَلا تُخْسِرُوا) أي : لا تنقصوا في الميزان.
وقوله : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ) أمر بإقامة الوزن والإتمام في الوزن ؛ أمر بالإتمام ،
ونهي عن النقصان ، والأمر بالشيء نهي عن ضده ، وهاهنا جمع بينهما صريحا ؛ تأكيدا
لباب الوزن والميزان.
ويحتمل الوجوه
الثلاثة التي ذكرنا.
وعن قتادة :
كان ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ يقول : يا معشر الموالي ، إنكم وليتم أمرين هلك
الناس بهما قبلكم ، هما : المكيال والميزان .
وقال مجاهد في
قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا
الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) في الميزان باللسان ؛ أي : لسان الميزان .
وقيل لابن عمر
ـ رضي الله عنهما ـ : إن أهل المدينة لا يوفون الكيل ، قال : وما يمنعهم ، وقد قال
الله تعالى : (وَيْلٌ
لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١]؟!.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها
لِلْأَنامِ).
قال بعضهم : الأنام : هو كل ذي روح.
وقال بعضهم : الأنام : هو جميع الخلق.
__________________