وامّا في استصحاب بقاء عدالة زيد بن أرقم مثلا لأجل جواز تقليده فلا يحتاج إلى احراز حياته ، هذا على القول بأنّه لا يشترط الحياة في المقلّد (بالفتح) فيجري استصحاب عدالته حينئذ ولو كان المقلّد (بالكسر) شاكّا في حياته ومماته.
فإن قيل : إنّه ليس بجائز تقليد الميّت ابتداء ، والحال أنّ كلام المصنّف صاحب الكفاية قدسسره يدل على
جواز تقليد الميّت ابتداء بقرينة جملة لا يحتاج إلى احراز حياته لجواز تقليده ، ولو قال لجواز البقاء على تقليده بناء على عدم اشتراط الحياة في البقاء على تقليده لكان صحيحا تامّا ، فإنّ جواز تقليد المجتهد بدوا ليس إلّا مثل جواز الاقتداء به ووجوب الإنفاق عليه ووجوب الاكرام في اشتراط الحياة وفي إحراز حياته خارجا.
قلنا : إنّ مراده من جواز التقليد هو البقاء على تقليده وحينئذ فلا اعتراض عليه.
وخلاصة الكلام : أنّه لا بدّ للمستصحب أن يكون أثرا شرعيا ، أو موضوعا للأثر الشرعي ، وحينئذ فقد يكون موضوع الأثر الشرعي مجرّد وجود الشيء ، فلا حاجة حينئذ في جريان الاستصحاب إلى أكثر من كون ذلك الشيء معلوم الثبوت مشكوك البقاء ، وذلك مثل جواز التقليد فانّ موضوعه مجرّد عدالة المجتهد.
وعليه فإذا علم رأي المجتهد وشك في عدالته جرى استصحاب عدالته ؛ ولو اعتبر في جواز التقليد الحياة ، كما هو المشهور ، جرى استصحاب حياته وعدالته معا ، وليس احراز الحياة شرطا في جريان استصحاب العدالة لأنّ موضوع الأثر الشرعي نفس الحياة والعدالة ، فإذا اجتمعت أركان الاستصحاب فيهما من اليقين بالثبوت والشك في البقاء جرى الاستصحاب فيهما بلا إشكال ، وقد يكون موضوع الأثر الشرعي وجود الشيء لأمر خارجي معيّن. فيتوقّف جريان الاستصحاب على احراز ذلك الأمر الخارجي المعيّن ، مثل جواز الائتمام فانّه يترتّب على عدالة الإمام