لوجهين أيضا :
الأوّل : لأنّ النبوّة ممّا يجب تحصيل المعرفة واليقين بها الحاصلين بالنظر إلى حالاته ومعجزاته ، أي حالات النبي من حيث الصدق في الأقوال ومن حيث ردّ الأمانات إلى أهلها ومن حيث الاجتناب عن غير الملائمات لطبع البشر ، مثل كثرة الضحك والمزاح مثلا ، أي معجزات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي النظر إلى أفعاله التي يعجز البشر عن الإتيان بمثلها ، ولا يخفى أن هذا النظر واجب عقلا حتى تثبت نبوّته بالقطع واليقين والاستصحاب لا يفيد القطع واليقين بالمستصحب (بالفتح).
الثاني : لعدم الدليل من قبل المقنن (المقدّس) على التعبّد بشريعة الكليم عليهالسلام لا عقلا ولا شرعا لأنّ الاستصحاب ، أي استصحاب بقاء النبوّة لا يكون دليلا إلزاميا ولا إقناعيا للخصم المسلم ولنفس الشخص إلّا مع الشروط الثلاثة :
الأوّل : هو الاعتراف بثبوت اليقين سابقا وحصول الشك لاحقا.
الثاني : أن يكون المستصحب بالفتح قابلا للتعبّد والتنزيل.
الثالث : أن يكون الدليل على التعبّد والتنزيل.
ولكن ليس الدليل بموجود لا عقلا ولا شرعا ، امّا الأوّل فلأنّ البناء على الحالة السابقة المتيقنة عند الشك في بقائها ليس من المستقلّات العقلية الصرفة ، كوجوب إطاعة المولى وحرمة معصيته ، وكحسن العدل وقبح الظلم ، كي يحكم العقل بالتعبّد والتنزيل.
فإن قيل : قد استقرّت على البناء المذكور سيرة العقلاء وهي تدل على اعتبار التنزيل والتعبّد.
قلنا : هي منوطة بإمضاء الشرع الأنور فترجع هذه السيرة إلى الدليل الشرعي.
وعليه ؛ فإن كان الامضاء من الشرع السابق فاستصحاب النبوّة السابقة يتوقّف على ثبوتها ، أي ثبوت النبوّة وثبوتها يتوقّف على استصحابها على الفرض ، وهذا