الأوّلي يكون اقتضائيا شأنيا والحكم العارض يكون مانعا عن الحكم الأوّلي لأنّ الحكم العارض مبيّن لحكم الفعلي.
فالحكم الاولي على ثلاثة أنحاء :
الأوّل : فعلي مطلقا ، ومثاله قد سبق آنفا.
الثاني : فعلي بالإضافة إلى عارض دون عارض ، وذلك كحرمة قتل المؤمن فانّها لا ترتفع بعروض الضرر والحرج والاضطرار والاكراه ، ولكن ترتفع بالخطإ والنسيان وما لا يعلمون ، إذ لا يعقل ثبوت حكم على حاله مع وجود أحد العناوين الثلاثة ، بل يرتفع بها لا محالة ، ولهذا لا يكون القصاص ثابتا على قتل الخطائي.
الثالث : اقتضائي مطلقا إذا لم يعرض على موضوعه عنوان ثانوي ، وذلك كوجوب الصوم والوضوء والغسل لأنّه إذا عرض عليها عنوان الضرر فيسقط وجوبها ويبدّل وجوبها بالحرمة العرضية.
قوله : هذا لو لم نقل بحكومة دليله على دليله لعدم ثبوت نظره ...
هذا الذي ذكرنا من تقديم أدلّة لا ضرر ولا ضرار في الإسلام على أدلّة حكم الأوّلي لو لم نقل بحكومة دليل لا ضرر ولا ضرار على دليل حكم الأوّلي بعدم ثبوت نظره إليه ، أي إلى مدلوله كما قال بعدم الحكومة الشيخ الأنصاري قدسسره ، وأمّا إذا قلنا بحكومته عليه لنظره إليه فمن الواضح ان قاعدة لا ضرر ولا ضرار في الاسلام تقدّم على أدلّة الاحكام الاولية لوضوح تقديم دليل الحاكم على دليل المحكوم. وامّا وجه حكومتها عليها فلانّها تضيق دائرة موضوعات الأحكام الأولية والحاكم امّا مضيّق وامّا موسّع لدائرة موضوع دليل المحكوم فالأوّل نحو : لا شك لكثير الشك مثلا ، والثاني نحو : الطواف بالبيت صلاة ، لأنّ الشارع المقدّس نزّل الطواف منزلة الصلاة ، أي كأنّ الطواف صلاة.
قوله : ثم انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين ...