فالنتيجة أن نفي الحقيقة ادعاء بلحاظ نفي الحكم حقيقة كما هو مختار المصنّف قدسسره ، أو بلحاظ نفي الصفة كما هو مختار الشيخ الأنصاري قدسسره غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير ، أو في الكلمة.
والمصنّف قدسسره قد استدل لترجيح إرادة نفي الحقيقة ادعاء بلحاظ نفي الحكم ، كما في لا ضرر ولا ضرار ، أو بلحاظ نفي الصفة كما في نحو : لا صلاة لجار المسجد إلّا في لمسجد ، على إرادة نفي الحكم ، أو الصفة ابتداء بوجهين :
الأوّل : ان قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاء على نحو الكناية لا نفي الحكم ولا نفي الصفة وإلّا لما دلّ هذا التركيب نحو : لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ، ولا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد وأمثالهما على المبالغة كناية عن نفي الآثار والخواص ، كما قد سبق هذا المطلب في بحث الصحيح والأعم.
وفي ضوء هذا فلا يتوهّم في المقام أنّه كما يمكن إرادة نفي الحقيقة ادعاء كناية عن نفي الآثار والخواص فكذلك يمكن نفي الحكم ابتداء ، أو نفي الصفة من الصحّة ، أو الكمال كما في نحو : لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ، أي لا صلاة صحيحة إلّا بالفاتحة ، وفي نحو : لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد ، أي لا صلاة كاملة لجار المسجد إلّا في المسجد.
فأجاب المصنّف عن هذا التوهّم بقوله : فإنّ قضية البلاغة في الكلام إلى الأخير.
الثاني : لزوم التجوز ، اما في التقدير ، كما إذا قدرنا لفظ الحكم ، أي لا حكم ضرري. واما في الكلمة بأن يراد من لفظ الضرر الحكم الضرري ، ومن لفظ الصلاة الصلاة الكاملة فالتجوّز خلاف الأصل فيقال حينئذ بإرادة نفي الحقيقة ادعاء كناية عن نفي الآثار والخواص على سبيل المبالغة.
فإن قيل : الكناية عبارة عن ذكر الملزوم وإرادة اللازم مع جواز إرادة الملزوم أيضا مثل : زيد كثير الرماد ، فذكر الملزم وهو كثرة الرماد واريد لازمها وهو جود زيد