وكذلك الطير كانت تجتمع إليه ، فتسبح لله ، وداود كان يعرف تسبيح الطير ، وكل من تحقق بحاله ساعده كل شيء.
(وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠) وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣))
قوله تعالى : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) ملكه : معرفته بالله وما وصل إليه من الله من النبوة والولاية والمحبة أي : قويناه بتأييدنا في مقام المشاهدة حتى احتمل بنا حمل واردات سطوات عظمتنا ، والحكمة ههنا الفهم على مواقع معاني إلهام الخاص ولطائف الوحي والمعرفة على بطون حقائق فعل الحق والعلم بأحكام العبودية وآثار الربوبية ، (وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٢٠) فصاحة اللسان وشرح هذه المقامات به بأحسن البيان حيث لا اعوجاج فيه ولا لكنة فيه ، أدى به مراد الخطاب على وفق مراد الله وأيضا : شددنا ملكه أي :
ملكته على نفسه بالعدل والإنصاف ومعرفته بها وشرح دقائق أفعالها.
قال بعضهم : شددنا ملكه بالعدل.
وقال سهل : آتيناه الحكمة أي : أعطيناه علما بنفسه ، وألهمناه مواعظ أمته ونصيحتهم.
قال ابن عطاء : العلم والفهم.
قال أيضا : العلم بنا والفهم عنا.
قال جعفر : صدق القول ، وصحة العقل ، والثبات في الأمور.
وقال ابن طاهر : مخالطة الأبرار ومجانبة الأشرار.
وقال بعضهم : شددنا ملكه بالعصمة فيه وقلة الاعتماد عليه.
وقيل : آتيناه الحكمة النطق بالصدق وقول الحق.
(قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥))
قوله تعالى : (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) : هذه القصة