عليه دعاؤهم له بزيادة مرتبته بحبهم إياه واستغفارهم لأمته ، وصلوات الأمة عليه متابعتهم له ومحبتهم إياه والثناء عليه بالذكر الجميل.
قال ابن عطاء : الصلاة من الله وصلة ، ومن الملائكة رفعة ، ومن الأمة متابعة ومحبة.
قال الواسطي : صل عليه بالوقار ، ولا تجعل له في قلبك مقدار.
قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : سألت عبد الواحد الساري عن هذه اللفظة ، وكأني أستفتحه. فقال : لا تجعل بصلواتك عليه في قلبك مقدارا تظن أنك تقضي به من حقه شيئا بصلواتك عليه ، فإنك تقضي به حق نفسك ؛ إذ حقه أجل من أن يقضيه أمته أجمع ؛ إذ هو في صلاة الله تبارك وتعالى بقوله : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) ، فصلواتك عليه استجلاب رحمة على نفسك به.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٧٠) : التقوى ههنا سقوط احتشام الخلق عن قلوب العارفين عند أداء أمانة الله التي فتح الله على قلوبهم من أسرار الملك والملكوت ، ولا يلتفت إلى ما سوى الله من أنوار الحدثان ، فإذا كان كذلك يصلح الله ما يخافون من فوقه (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ، ويستر الهفوات في تقصير الطريقة ، ثم جمع هذه المعاني بمجموعها بقوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧١) : أطاع الله بالحقيقة ، وأطاع الرسول بالشريعة ، فقد فاز من الحجاب ، ووصل إلى اللقاء والمآب.
قال الواسطي : التقوى على أربعة أدعية : للعامة تقوى الشرك ، وللخاصة تقوى المعاصي ، وللخاص من الأولياء تقوى التوسل بالأفعال ، وللأنبياء تقواهم منه إليه.
وقال الوراق : القول السديد ما أريد به وجه الله لا غير.
وقال سهل : من وفقه الله لصالح الأعمال ، فذلك دليل على أنه مغفور له ذنوبه ؛ لأن الله يقول : (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ.)
وقال بعضهم : (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) بقبولها منكم فإن صلاح العمل في قوله.
وقال بعضهم في قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) : هو أن يصلح باطنه وقلبه فإنهما موضع نظر الحق ، ويعمرهما بدوام التفكر ، ويصلح ظاهره بالطاعات الظاهرة واتباع السنن ، فمن فعل ذلك فقد فاز من وساوس الشياطين وهواجس النفس.
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ