تُشْرِكُونَ
(٥٤)) [هود : ٥٤].
سئل الجنيد :
متى أتاه رشده؟ فقال : حين أتاه.
وقال أيضا :
آثار سوابق الأزل وإظهاره كما أظهر على الخليل في السخاء والبذل والأخلاق في بذل
النفس والولد والمال في رضا الحق ؛ فلا يشتغل إلا به ولا يفرح إلا عليه ولا يلتفت
إلا إليه ، فقال الله : (وَلَقَدْ آتَيْنا
إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) ، ويقال : ذلك ما أضاء عليه من أنوار التوحيد قبل ما
حصل منه من النظر في المخلوق ، ويقال : هو مكاشفة روحه قبل إيداعها قالبه من تجلي
الحقيقة .
(قالَ أَفَتَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ
وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٧) قالُوا حَرِّقُوهُ
وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٦٨))
قوله تعالى : (قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ
ما لا يَنْفَعُكُمْ) طلب الحاجة من المحتاج وهن في المعرفة وشين في الحقيقة
والمحقق في المعرفة يعرف الأشياء بالله بأنها مجاري أقدار الأزل ، ولا تقوم بذاتها
بل تصاغرت في قبضة تصرف جلاله ، ومن كان همته بهذه الصفة كيف يعتمد من الخالق إلى
المخلوق.
قال حمدون
القصار : استعانة الخلق بالخلق كاستعانة المسجون باستعانة المسجون.
(قُلْنا يا نارُ
كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (٦٩) وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً
فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ
الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ
نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ
الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣) وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً
وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ
كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ
الصَّالِحِينَ (٧٥) وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ
فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْناهُ مِنَ
الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ
__________________