اشرح لي صدري بنور القدس حتى أكون معك في مقام الأنس وادي عجائب الغيوب ، وغرائب الكشوف : (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) هيئ لي قوة من قوتك حتى أقوم بنعت الاستقامة معك في أداء رسالتك ونشر شريعتك (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧)) عجمة الإنسانية حتى أطيق أن أشرح ما كاشفت لي لعبادك بلسان شرع نبوي (يَفْقَهُوا قَوْلِي) ؛ فإن لساني لسان الحقائق ، ولو أتكلم معهم بلسان الحقيقة لا يفهمون إشاراتي وعباراتي منك ، وأنا أريد الوقوف بسري معك في شهود الغيب ، وإذا كنت غائبا لا أطيق أن أؤدي رسالتك بهيئتها (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً) يعبر قولي لهم ، فإنه يحس مقالتي ، وإشارتي التي هي من مجمع بحار الكلام الأزلي والشهود الأبدي ، ولا أكون مشغولا عنك بغيرك هذا من عموم التفسير وإشارات الحقائق أصفى من كل صفاء ، وهي أن موسى كليم الله عرف مكانه من مواجهة خطاب الأزل ومشاهدة جلال القدم وبقائه ببقاء الحق مع الحق وأنه يكون بضعف حدوثيته موازيا لشهود القدم إلى البقاء بوصف كشف الذات والصفات ، وأنه يفنى بأول برقة تتبرق من بروق أنوار جلال الذات والصفات ، ولو كان موسى ألف ألف موسى وكل موسى في موسى أعظم من العرش والكرسي والكون والكائنات ، وما فيها يضمحل في صدمة واحدة من سطوات ألوهية الحق ، فسأل أن يشرح صدره بنور تجلي الجود الأزلي ، وبسطه ببسط الأبدي حتى يكون صدره حاملا لتجلي جميع الذات والصفات ؛ فمن هذه الإشارة وقع سؤاله في حيز الاستحالة ؛ لأن الحق أجل من أن يكون ذاته وصفاته في حيز علوم الحدثان وإدراك أهل الزمان والمكان.
وقوله : (وَيَسِّرْ لِي) أمر طلب الربوبية أي : يسر لي الربوبية من حيث الاتصاف والاتحاد ، وهذا جرأة العشاق ووقع أيضا هذا السؤال في محل الاستحالة ؛ لأن الربوبية لا تفارق عن مصدر الأزل.
وقوله : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) أي : لساني لسان الحدث ، ويدله بلسان «قدوسي سبوحي صمداني رباني» حتى أطيق أن أتكلم به معك كما تتكلم معي ، وإذا كان لساني لسانك أكون قادرا بأن أخبر عنك وصفك كما هو ، ولو أخبرهم عنك بلساني كيف أخبرهم ، والعبارة عنك بغير لساني القدم مستحيلة.
وقال الحسين : لما أزال الحق عنه التوقف وجاء إلى الله بالله ولم تبق عليه باقية بما يمتنع أقيم مقام المواجهة ، وأطلق مصطنيعه لسانه نظر إلى أليق الأحوال به فسأل مليكه شرح صدره ليتسع مقام المواجهة والمخاطبة.
ثم نظر إلى أليق الأحوال به فإذا هو تيسر أمره فنال ذلك على التمام ليترقى به حاله إلى