إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ٢ ]

تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن

تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ٢ ]

تحمیل

تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ٢ ]

434/574
*

المعاني الغيبية ، بل الاتصاف بالصفات الإلهية ، بل التحقق بالله بعد الفناء فيه لا الثواب كما زعمت.

(سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) أي : لما اطمأنت النفس واستقرت القوى أمكنك قبول المعاني وتلقي الغيب ، الذي نهيتك عن السؤال عنه حتى أحدث لك منه ذكرا فسأذكر لك ، وأنبئك بتأويل هذه الأمور إذا استعددت لقبول المعاني والمعارف.

(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) (١) في بحر الهيولي أي : القوى البدنية من الحواس الظاهرة والقوى الطبيعية النباتية ، وإنما سماها مساكين ؛ لدوام سكونها وملازمتها لتراب البدن ، وضعفها عن ممانعة القلب في السلوك والاستيلاء عليه كسائر القوى الحيوانية.

وحكي أنهم كانوا عشرة إخوة خمسة منهم زمنى ، وخمسة يعملون في البحر ، وذلك إشارة إلى الحواس الظاهرة والباطنة.

(فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) بالرياضة ؛ لئلا يأخذها ملك النفس الأمارة غصبا ، وهو الملك الذي كان وراءهم أي : قدامهم (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) بالغواشي البدنية أو القلب الذي مات ، أو قتل قبل الكمال باستيلاء النفس في المدنية البدن.

(وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) أي : كنز المعرفة التي لا تحصل إلا بهما في مقام القلب ، لا مكان اجتماع جميع الكليات والجزئيات فيه بالفعل وقت الكمال ، وهو حال بلوغ الأشد واستخراج ذلك الكنز.

وقال بعض أهل الظاهر من المفسرين : كان الكنز صحفا فيها علم.

(وَكانَ أَبُوهُما) على كلا التأويلين (صالِحاً).

وقيل : كان أبا أعلى لهما ، حفظهما الله له فعلى هذا لا يكون إلا روح القدس.

وقوله تعالى : (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) ولاية وقرا ومشاهدة (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) معرفة كاملة ، وعلما من علومه المجهولة الغيبية التي مكتومة عن كثير من الأخيار ، وهو علم اللدني الخاص الذي استأثره الله لنفسه ، والخواص خواصه ، وذلك العلم حكم الغيب على صورة مجهولة حقائقها مقرونة بمنافع الخلق ، وهذا يتعلق بعلم عالم الأفعال التي براهينها لاستحكام العبودية.

__________________

(١) أي : ضعفاء لا يقدرون على مدافعة الظلمة ، فسماهم مساكين ؛ لذلهم وضعفهم ، ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهمّ أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، واحشرني في زمرة المساكين» فلم يرد مسكنة الفقر ، وإنما أراد التواضع والخضوع ، أي : احشرني مخبتا متواضعا ، غير جبار ولا متكبر.