وفناء ذكر فيه.
قال الجنيد : إن فوق الذكر منزلة هي أقرب رشدا من ذكره له ، وهو تجديد للنعوت بذكره لك قبل أن يسبق إلى الله بذكره.
وأيضا لي نكتة في الذكر أي : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) فإنك إذا ذكرته بلسان الحديثة نسيته ، وإن أردت أن تذكرني بالحقيقة التي لا نسيان فيها ، ولا فترة فاتصف بصفتي ثم اذكرني بصفتي حتى يصل ذكرك إليّ بالحقيقة.
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ) بالرجوع إليه والحضور (إِذا نَسِيتَ) بالغفلة عند ظهور النفس بظهور صفاتها (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً).
أي : من الذكر عند التلوين ، وإسناد الفعل إلى صفاته بالتمكين ، والشهود الذاتي المخلص عن حجب الصفات (رَشَداً) استقامة وهو التمكين في الشهود الذاتي.
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) من التي تبتنى على دور القمر فتكون كل سنة شهرا ومجموعها خمسة وعشرون سنة ، وذلك وقت انتباههم وتيقظهم.
(وَازْدَادُوا تِسْعاً) هي مدة الحمل ، وروعيت في الاية نكتة هي أنه لم يقل ثلاثمائة سنة وتسعا أو ثلاثمائة وتسع سنين ؛ لاستعمال السنة في العرف وقت نزول الوحي في دورة شمسية لا قمرية ، فأجمل العدد ، ثم بينه بقوله سنين فاحتمل أن يكون المميز غيرها كالشهر مثلا ، ثم بين أن المدة سنين مبهمة غير معينة ، إذ لو قيل ثلاثمائة شهر ، فأبدل سنين من مجموع العدد كانت العبارة صحيحة ، والمراد سنين كذا عددا أي : خمسة وعشرين ويؤيده قوله بعده.
(قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) وقال قتادة : هو حكاية كلام أهل كتاب من تتمة ، سيقولون.
وقوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ) رد عليهم ، وفي مصحف عبد الله وقالوا : (لَبِثُوا) وذلك أن اليقين غير محقق ولا مطرد.
(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) يجوز أن تكون من لابتداء الغاية ، والكتاب هو اللوح الأول المشتمل على كل العلوم الذي منه أوحى إلى من أوحي إليه ، وأن تكون بيانا لما أوحي والكتاب هو العقل الفرقاني وعلى التقديرين (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) التي هي أصول الدين من التوحيد والعدل وأنواعهما.
(وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) تميل إليه لامتناع وجود ذلك.
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥) قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا