وقال علي بن
موسى الرضا عن أبيه عن جعفر قال : لا تركنوا إلى نفوسكم ؛ فإنها ظلمة.
وقال سهل : لا
تجالسوا أهل البدع.
قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ
وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى
لِلذَّاكِرِينَ) : إن الله سبحانه حفظ الأوقات على أهل المشاهدات
والمحاضرات ، ووسمها بوظائف الطاعات لهم ليصلوا بالمجالسات والمحاضرات والمراقبات
والطاعات إلى معالي الدرجات والقربات ؛ لأنّ من حضر بقلبه وروحه وعقله مجالس الذكر
والمراقبة يصل سره إلى رؤية المشاهدة أحد طرفي النهار ؛ لأن كثرة الفترة والزلة
والغفلة يكون بالنهار حتى يكونا ذاهبين بما جرى بينهما من الغفلات بما فيها من
صفاء الأذكار وجولان الأفكار ، وأخذ طرفا من الليل ، وهو أولها لبقاء صفاء الوقت ،
وحلاوة الذكر والطاعة ، وحرقة الوجد ، ولهب القلب ، ولذة الأنس إلى النهار ، ولا
يترك صاحبها عاقلا ، وإن كان نائما ، فإذا وصل أوقات الليل بأوقات النهار ووصل
أوقات النهار بأوقات الليل بنعت عد الأنفاس ، ونفي خواطر الوساوس ، تذهب أنوارها
غبار الخطرات ، وظلمة المعارضات ، وهيجان الطبيعيات البشريات ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ
السَّيِّئاتِ) : إنّ حسنات أنوار المشاهدات تذهب سيئات المعارضات ،
وتذهب حسنات كشف الجمال سيئات الخيال ، وتذهب حسنات التوحيد والمعرفة والفهم سيئات
الظن والوهم ، ولا يعرف ما وصفنا إلا أهل الذكر من المريدين ، وأهل المراقبة من
المحبّين ، وأهل الرعاية من العارفين ، كما قال تعالى : (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).
قال أبو عثمان
: الأوقات والساعات جعلت علامات الأذكار أوقاتا للتيقظ والاعتبار ، فمن مرت عليه
أحواله وأوقاته وساعاته في غفلة ، فليتيقن بموت القلب ؛ لأنه مطالب في كل وقت من
أوقاته ، إما بفريضة أو سنة أو أدب.
قال الواسطي :
أنوار الطاعات تذهب بظلم المعاصي.
قال بعضهم :
رؤية الفضل تسقط عن العبد رؤية العمل.
قال أبو عثمان
: حسن الظن بالخلق يذهب بالامنة والغيبة ، ويورث الشفقة والنصيحة والرحمة ، وذلك
موعظة لمن يوفق له ويؤهل.
وقال يحيي بن
معاذ : إنّ الله لم يرض للمؤمن بالذنب حتى ستر ، ولم يرض بالستر حتى غفر ، ولم يرض
بالغفران حتى بدل ، ولم يرض بالتبدل حتى أجره عليها ، فقال : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ
السَّيِّئاتِ) ، وقال : (فَأُوْلئِكَ
يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ).