عظيما ثم جرت هذه الآية في رسول الله (ص) فكان له ان يعطي ما شاء من شاء ويمنع من شاء وأعطاه الله أفضل مما اعطى سليمان لقوله (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
بيان ـ الظاهر ان قوله (ع) إعطاء الله أفضل مما اعطى سليمان لقوله (ما آتاكُمُ) (الى آخره) فيه دلالة على ما ذكرنا ان الآية الكريمة لا دلالة ولا تعريض فيها بشيء من تقسيم الغنيمة والفيء وإعطاء المال بل مسوقة للإرشاد والتذكر لوجوب التعبد والتسليم لأمر رسول الله (ص) ونهيه أيضا قوله (ع) وفوض أمر الدين ونظائرها من العبارات فيها دلالة على ان المفوض الى رسول الله (ص) هو مقام الأمر والنهي في شئون الدين وتمليك حق التصرف. والروايات في تفسير الآية الكريمة كثيرة أعرضنا عن إيرادها وفي ما ذكرنا كفاية.
الآية الثانية ـ قال تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) النساء ـ ٨٠.
بيان : الآية الكريمة في مقام الحث والترغيب على طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله وفي بيان ان طاعته طاعة الله سبحانه وفيها تهديد وتعريض على من تولى وخالف أمر رسول الله ونهيه وخلاصة القول في المقام ان هنا طاعتان طاعة لله سبحانه وطاعة للرسول ولا بد ان يكون لكل واحد من الطاعتين أمر مستقل كي يكون كل واحد من الأمرين منشأ لكل واحد من الطاعتين فلا محصل للطاعتين لأمر واحد من حيث أنه واحد ولا محصل أيضا لأمر واحد من الأمرين فعلى هذا لا تكون طاعته تعالى عن أمره سبحانه طاعة له تعالى ولرسوله بل تكون طاعة الرسول عن أمره طاعة لله سبحانه إذا أمر بطاعة رسوله أمرا مولويا كما في قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) الآية. وقد تكلف بعض المفسرين أن طاعته تعالى مستندة الى أمره وأرادته وطاعة أمر الرسول مستندة الى إرادته المستدعية للفعل فقط انتهى. ملخصا أقول هذا في نهاية الضعف ضرورة أن صدق الطاعة متوقف على وجود الأمر وتحقق ارادة الرسول (ص) للفعل لا يكفي في صدق الطاعة للرسول وقد غفل ان متعلق أمره تعالى هو طاعة رسوله وأوجبه تعالى إيجابا مولويا حيث قال (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء آية ٥٩.
ومتعلق أمر الرسول هو ما صار واجبا بإيجاب الرسول متعلق نهيه وما صار حراما بتحريمه والأمثلة واضحة وقريب منه في الضعف ما ذكره بعض المفسرين ان طاعة الرسول بما انه رسول من الله طاعة لله انتهى.