وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً).
أي : يحذره أهل السماء و [أهل](١) الأرض.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً).
قال أبو بكر الأصم : وإن من قرية إلا نحن مميتوها ، وقد يستعمل الهلاك في موضع الموت ؛ كقوله : (امْرُؤٌ هَلَكَ) [النساء : ١٧٦] ، أي : مات ، ويقال ـ أيضا ـ : هلك فلان ، أي : مات ، فعلى ذلك يكون قوله : (إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها) [أي](٢) : مميتوها (قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ) ؛ كقوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥] ، وكقوله : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) [الرحمن : ٢٦].
(أَوْ مُعَذِّبُوها) ، أي : منتقموها (عَذاباً شَدِيداً) ؛ فعلى تأويله يصحّ على جميع القرى والمدن ، ليس قرية دون قرية ، ولا مدينة دون مدينة ؛ ولكن على الكل على ما أخبر من إهلاك الكل بقوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥] ، و (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) [الرحمن : ٢٦].
ويحتمل ما ذكر من إهلاك القرية : إهلاك الأهل ؛ من إهلاك القرية بعد إهلاكهم ؛ على ما فعل بكثير من القرى.
وجائز أن يكون يهلك الأهل ويبقى القرية على حالها ، ثم تهلك بنفسها قبل يوم القيامة ، والله أعلم.
وعلى تأويل أبي بكر يفعل ذا أو ذا : إمّا يميتهم [موتا](٣) بآجالهم ، أو يعذبهم عذاب إهلاك.
وقال الحسن : قوله : (إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها) ، أي : مميتوها ؛ على ما قال أبو بكر ؛ (أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً) : يقول : إذا قامت الساعة قبل يوم القيامة ؛ كقوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ ...) الآية [الزمر : ٦٨] ، وقوله : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ ...) الآية [الحج : ١] ؛ فذلك كله قبل يوم القيامة ، وهو يقول : إن الساعة تقوم على شرار الناس ؛ فيكون ما ذكر من التعذيب لأولئك الذين تقوم بهم الساعة على قوله.
وقال قتادة (٤) : هذا قضاء من الله كما تسمعه ليس منه بدّ : إمّا أن يهلكها بموت ؛
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه ابن جرير (٢٢٣٩٤).