الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) ، وقال بعضهم (١) : (بِالْقِسْطاسِ) : القبان ؛ فكيفما كان ففيه ما ذكرنا : من الأمر بتوفير الكيل والوزن ، والإيفاء لحقوقهم ، والنهي عن البخس والنقصان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).
يحتمل قوله : (ذلِكَ خَيْرٌ) ـ ما ذكر من توفير الكيل والوزن وإيفاء الحقوق ـ خير في الدنيا ؛ لما فيه أمن لهم من الناس.
(وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) ، أي : أحسن عاقبة في الآخرة ، ويحتمل قوله ذلك ـ ما ذكر في هذه الآيات من أولها إلى آخرها : إذا عملوا بها خير لهم في الدنيا وأحسن تأويلا ، أي : عاقبة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ).
قيل (٢) : لا تقف ، أي : لا تقل ، وقيل (٣) : لا ترم ، وقيل (٤) : لا تتبع ؛ فكيفما كان ـ ففيه النهي عن القول والرمي فيما لا علم له به ، ولا ترم ما ليس لك به علم ، ولا تقل ما ليس لك به علم.
(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً).
قال بعضهم (٥) : (كُلُّ أُولئِكَ) يعني : السّمع والبصر والفؤاد ـ يسأل عما عمل صاحبه ؛ كقوله : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ ...) الآية [يس : ٦٥] ، وقوله : (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ) [فصلت : ٢٠] تسأل هؤلاء عما عمل (٦) صاحبها ؛ فيشهدون عليه.
وقال بعضهم : هو عن كل أولئك كان مسئولا ، أي : يسأل المرء عما استعمل هذه الجوارح؟ وأنه : فيم استعملها؟
وقال بعضهم ، قوله : (أُولئِكَ) : يعني الخلائق جميعا ، (عَنْهُ) : يعنى عما ذكر من السمع والبصر والفؤاد ، (مَسْؤُلاً).
وقال بعضهم (٧) في قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ، يقول : لا تقل : رأيت ،
__________________
(١) قاله الحسن ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٢٣٠٤) ، وهو قول الضحاك.
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٢٣٠٨) ، وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٤ / ٣٢٩) ، وهو قول قتادة ايضا.
(٣) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٢٣١٢) ، وهو قول مجاهد أيضا.
(٤) قاله ابن جرير (٨ / ٨٠) ، ونقله البغوي (٣ / ١١٤) عن القتبي.
(٥) قاله عكرمة وعمرو بن قيس ، أخرجه ابن أبي حاتم عنهما ، كما في الدر المنثور (٤ / ٣٢٩).
(٦) في أ : يعمل.
(٧) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٢٣٠٩) و (٢٢٣١٠) ، وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٣٢٩).