والمعاندة في الآيات إذا جاءت ؛ كأنه ـ والله أعلم ـ يصبر رسوله على سفه قومه (١) ؛ لسؤالهم العذاب والآيات ثم المعاندة فيها ، يقول : كان في الأمم الماضية من سؤال العذاب والآيات ثم المعاندة من بعد نزولها ؛ فنزلت (٢) لهم العقوبات ؛ فعلى ذلك هؤلاء.
وقال بعضهم (٣) : المثلات : الأمثال والأشباه. وكذلك ذكر في حرف حفصة (وقد خلت من قبلهم الأمثال) وتأويله ـ والله أعلم ـ أي : فقد خلت من [قبلهم الأمثال](٤) ؛ ما لو اعتبروا بها كان مثلا لهم ، ولكن لا يعتبرون ؛ فيمنعهم عن أمثال ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ).
قال بعضهم : (لَذُو مَغْفِرَةٍ) أي : لذو ستر على ظلمهم ؛ وتأخير العذاب إلى وقت ؛ كقوله : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ) [إبراهيم : ٤٢] ، وقوله : (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) [هود : ١٠٤].
وقال بعضهم : لذو مغفرة [للناس على ظلمهم إذا تابوا ، وماتوا عليها ، أو يكون قوله (لَذُو مَغْفِرَةٍ) للمؤمنين على ظلمهم ، وإن ربك لشديد العقاب](٥) لمن لم يتب ، ومات على الظلم والشرك. وقوله : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) للكفار ؛ وعلى التأويل الأول : وإن ربك لشديد العقاب ؛ إذا عاقب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) وقال في موضع آخر : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) [الأنبياء : ٥] وقال في آية أخرى : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) [الإسراء : ٩٠] إلى آخر ما ذكر ؛ فيحتمل سؤالهم الآية (كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) [الأنبياء : ٥] عين تلك الآيات التي أتت بها الرسل الأولون ، وليس عليه أن يأتي بعين (٦) تلك الآية ؛ إنما عليه أن يأتي بآية تخرج عن عرفهم وطباعهم ، والرسل جميعا لم يأتوا بآية واحدة ؛ إنما جاءوا بآيات مختلفات ، كلّ جاء بآية سوى ما جاء بها الآخر ؛ فقال له : ليس عليك ذلك إنما أنت منذر. أو سألوا آيات سؤال الاعتناد
__________________
(١) في أ : قومهم.
(٢) في ب : فنزل.
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور ، وعن مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٠١٣٢ ، ٢٠١٣٤) وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، كما في الدر المنثور (٤ / ٨٦).
(٤) في ب : قبلهم المثلات الأمثال.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : بعض.