على المعتزلة ؛ لأنهم يقولون : إن من قتل إنما هلك قبل بلوغ أجله ، ويجعلون القاتل منه مستقدما لأجل ذلك المقتول (١) ، والله ـ تعالى ـ يقول : (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) : إذا جاء لا يستأخرون ، وإذا لم يجئ لا يستقدمون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ).
قال أهل التأويل : (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) ، أي : سيأتينكم رسل منكم ، أو سوف يأتيكم [يقصون عليكم ثم يحتمل قوله :](٢)
(يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) ، أي : هداي ؛ كقوله : [(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ٣٨] فعلى ذلك قوله (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) أي : هداي](٣)(فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
ويحتمل الآيات : الحجج والبراهين التي يضطر أهلها إلى قبولها إلا من عاند وكابر.
(فَمَنِ اتَّقى). اتقى الشرك. (وَأَصْلَحَ). وآمن بالله وعمل صالحا.
(فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وقوله : (فَمَنِ اتَّقى) يحتمل : اتقى ما نهى الرسل أو اتقى المهالك ، وأصلح فيما أمر به الرسل ، أو أصلح أمره وعمله. (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) في ذهاب ما أكرمهم به مولاهم ولا فوته ؛ لأن خوف الفوت مما ينقص [النعم](٤).
(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) : تبعاته وآفاته : يخبر أن نعيم الآخرة على خلاف نعيم الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
ظاهر تأويلها ، وقد ذكرنا في غير موضع حتى لم يأخذوا على أحد منهم (٥).
__________________
(١) المقتول ميت بأجله وهو مذهب أهل الحق فالأجل عندهم واحد لا يقبل الزيادة والنقصان خلافا للمعتزلة ، ينظر حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد ص (١١٢).
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) قال المصنف في سورة النساء عند قوله تعالى : (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) الاستنكاف والاستكبار واحد في الحقيقة ، وقال الكسائي : وإنما جمع بينهما ؛ لاختلاف اللفظين ، وهذا من حسن كلام العرب : كقول العرب : كيف حالك؟ وبالك؟ والحال والبال واحد ، ومثله في القرآن والشعر كثير. ـ